الجمعة، 11 ديسمبر 2015

بحث السؤال البرلماني في القانون الدستوري


السؤال البرلماني

تنصبّ هذه الدراسة على السؤال البرلماني وتطبيقاته في المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك من خلال بيان : مفهوم السؤال البرلماني وأهميته في كشف المخالفات ومتابعة تنفيذ القوانين، وبيان شروط قبول السؤال البرلماني وإجراءات تقديمه من قبل عضو البرلمان، وإجابة أو عدم إجابة الوزير المختص عن السؤال وأسباب ذلك، والمعوقات التي تحدّ من فعالية الأسئلة البرلمانية كوسيلة مهمة من وسائل الرقابة البرلمانية، سواء كانت هذه المعوقات ترجع للعضو السائل أو الوزير الموجه إليه السؤال.

( دراسة مقارنة وتطبيقية على المجلس الوطني الاتحادي)
أ. د. نواف كنعان
كلية القانون – جامعة الشارقة
الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

تاريخ الاستلام : 03/08/2008

تاريخ القبول : 06/10/2008



لقد تطورت العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في النظم المعاصرة، فبعد أن كانت العلاقة بينهما تقوم على أن البرلمان يُشرّع والحكومة تنفذ ، أصبحت هذه العلاقة تقوم على أن الحكومة تتوقع وتوجه والبرلمان يراقب، وهذا التصور الجديد للعلاقة بين السلطتين هو الذي أدى إلى توسيع السلطات الرقابية للبرلمان، ووضع الإجراءات والضمانات التي تكفل استمرارها وفعاليتها.
ولم تعد وظيفة البرلمان تقتصر على سن القوانين واعتماد الميزانية وإنما أصبح له وظيفة سياسية تتمثل في مراقبة أعمال الحكومة ومحاسبة السلطة التنفيذية عن جميع تصرفاتها ويناقشها في سياساتها العامة التي رسمتها لنفسها، إذ يمكن للبرلمان عن طريق هذه الرقابة التعرف على طريقة سير الجهاز الحكومي وكيفية أداء الأعمال المختلفة وبالتالي مراجعة هذا الأداء ورده إلى جادة الصواب إن وجد في أعمالها السابقة خطأ يخرجها عن نطاق المبادئ الدستورية ودائرة المصلحة العامة، أو إرشادها لتجنب مواقع الزلل والوصول بالتالي إلى نوع من التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي يحقق الصالح العام(1).
وقد أصبحت الرقابة البرلمانية على أعمال الوزراء من الموضوعات الأساسية التي تحرص الدساتير على النص عليها.. كما أن ممارسة الرقابة البرلمانية أكدت مزاياها التي جعلت منها وسيلة ضرورية وملحة للرقابة على أعمال وتصرفات الإدارة العامة، ذلك أن السلطة التشريعية تمثل الناخبين وتعبّر عن احتياجاتهم ورغباتهم، الأمر الذي يقتضي أن تراقب كل أعمال الأجهزة الإدارية بالدولة لمعرفة مدى نجاحها في تحقيق أهدافها بكفاءة وفاعلية.. كما أن هذه الوسيلة المنظمة ضرورية لضمان عدم انحراف وتسلط الإدارة وقيامها بالعمل وفق الأهداف السياسية العامة للدولة، بالإضافة إلى أنها تنصبُّ أساساً على كبريات المخالفات الإدارية والمالية دون المخالفات البسيطة التي تتكرر يومياً.. وكل ذلك جعل من هذه الرقابة مبدأً أساسياً تنص عليه الدساتير وتنظم طرقه وإجراءاته القانونية بالشكل الذي يضمن تحقيق الهدف من هذه الرقابة وهو الصالح العام.
وترتبط الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية بسيادة وقوة البرلمان الذي يقرر مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء عن أعمال وزاراتهم، ثم بيقظة النواب وقوة تدخلهم أمام الحجج التي يقدمها رئيس مجلس الوزراء والوزراء للدفاع عن العيوب التي تظهر في أعمالهم، حتى أصبحت الرقابة البرلمانية أهم وظائف المجالس النيابية في الدول ذات النظام البرلماني(2).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تبنى الدستور الاتحادي صيغة في العلاقة بين السلطات الاتحادية اقتضتها طبيعة الدولة الاتحادية، حيث يشترك رئيس الدولة في سن القوانين من خلال تصديقه على مشروعات القوانين وإصدارها بمرسوم اتحادي.
ونظراً إلى تعدد وتشعب أجهزة الدولة وزيادة حجمها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية، ووجود وزارات ومؤسسات وهيئات تشرف على نشاطها وتعمل على تحقيق أهدافها، أكد الدستور الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة على قيام المجلس الوطني الاتحادي بمراقبة نشاط السلطة التنفيذية في هذه المجالات وحدد وسائل معينة لهذه الرقابة.. وبالرغم من أن المجلس لا يملك كل صور الرقابة البرلمانية المعروفة إلا أن الدستور الاتحادي قد أعطي مجالاً للمجلس - عند ممارسته لوظيفته الرقابية - للتأثير المباشر في أعمال السلطة التنفيذية من خلال أدوات محددة هي: طرح موضوعات عامة للمناقشة، وتوجيه الأسئلة، وإبداء التوصيات حول موضوعات معينة، والفصل في الشكاوى المقدمة، وذلك وفقاً لنصوص الدستور الاتحادي واللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي..(3).
غير أن مما يزيد من صعوبة المهمة الرقابية بشكل عام بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني الاتحادي تزايد عدد وحجم المرافق العامة في الدولة وتعدد وتنوع نشاطاتها بسبب التطور والتقدم التكنولوجي الذي تشهده أجهزة الدولة، مما جعل من الصعب على عضو المجلس الوطني أن يلم بهذا التطور حتى يتمكن من ممارسة دوره في الرقابة على أعمال هذه المرافق بفاعلية.
ويعتبر السؤال البرلماني أحد وسائل الرقابة البرلمانية التي شرعها الدستور في أغلب النظم البرلمانية في العالم في مواجهة السلطة التنفيذية (أو الحكومة)، وإقرار حق أعضاء البرلمان في توجيه أسئلة إلى الوزراء تتعلق بأعمال وزاراتهم.. وقد عرفت دولة الإمارات العربية المتحدة حق السؤال- كوسيلة للرقابة على أعمال الوزراء – مع بداية الحياة الدستورية للإمارات السبع التي تكون منها اتحاد دولة الإمارات بموجب دستورها المؤقت لعام 1971م والذي أصبح دائماً بموجب التعديل الدستوري رقم (1) لعام 1996م.
وستقتصر دراستنا في هذا البحث على السؤال البرلماني كوسيلة أولى من وسائل الرقابة البرلمانية وفقاً لما استقر عليه التشريع والفقه الدستوري والسوابق البرلمانية، والشروط القانونية لصحته وضمان تحقيق الهدف منه، والإجراءات القانونية التي حددها المشرع لتقديم السؤال من قبل عضو المجلس الوطني الاتحادي وتلك الخاصة بإجابة الوزير الموجه إليه السؤال، ومواعيد الرد على السؤال، والمعوقات والعقبات التي تحد من فعالية استخدام هذا الحق الدستوري.. والهدف من وراء إفراد هذا الموضوع بهذه الدراسة المقارنة تسليط الضوء الكافي على موضوع السؤال البرلماني وتطبيقاته في دولة الإمارات العربية المتحدة بأبعاده المختلفة، تعزيزاً للدور المهم الذي يتولاه المجلس الوطني الاتحادي من خلال السؤال باعتباره أداة فعالة للرقابة البرلمانية..
وسنعرض كل ذلك في خمسة فصول:
الفصل الأول: مفهوم السؤال البرلماني وأهميته
الفصل الثاني: شروط قبول السؤال البرلماني
الفصل الثالث: إجراءات تقديم السؤال البرلماني
الفصل الرابع: إجابة الوزير على السؤال البرلماني
الفصل الخامس: معوقات السؤال البرلماني
الفصل الأول : مفهوم السؤال البرلماني وأهميته.
تقتضي دراسة السؤال البرلماني بيان مفهومه الرقابي كوسيلة مهمة من وسائل الرقابة البرلمانية التي أقرتها دساتير النظم البرلمانية، وذلك من خلال بيان المفهوم التشريعي والفقهي للسؤال البرلماني، وما يميزه عن غيره من وسائل الرقابة البرلمانية الأخرى كالاستجواب، وطرح موضوعات عامة للمناقشة.. وبيان أهمية السؤال البرلماني في الكشف عن المخالفات التي تقع في بعض المرافق العامة، وفي متابعة تنفيذ القوانين واللوائح والمراسيم..
ونعرض فيما يلي هذه الموضوعات في مبحثين:
المبحث الأول: مفهوم السؤال البرلماني
المبحث الثاني: أهمية السؤال البرلماني كأداة فعالة للرقابة البرلمانية
المبحث الأول : مفهوم السؤال البرلماني(4).
يعني السؤال البرلماني – بمفهومه الرقابي- التساؤل الذي يتضمن: لفت النظر أو التوجيه غير المباشر لعمل شيء أو تلافي ثغرة معينة أو قصور في الأداء.. كما يعني – بمعناه الاستفهامي أو الإيضاحي- طلب توضيح أمر غامض، أو تزويد الطالب ببيانات معينة غير متوفرة لديه، وفي الحالتين يؤدي السؤال إلى كشف أمور أو مخالفات تستوجب استخدام وسائل أخرى تتم بها مساءلة الحكومة سياسياً.
ويعرف بعض الفقهاء السؤال البرلماني بأنه: (( حق يمكن الأعضاء في البرلمان من معرفة أمور يجهلونها، أو لفت نظر الحكومة إلى موضوع معين، وهو يمثل علاقة مباشرة بين السائل والمسؤول ... ))(5) ، ويعرفه البعض الآخر بأنه: (( تقصي العضو البرلماني أمراً معيناً من رئيس الحكومة أو من وزير مختص.. ))(6) ، ويعرفه آخرون بأنه: (( الاستفسار عن شيء ما داخل في اختصاص الوزير ويجهله مقدم السؤال، وعلى ذلك فإن الغرض من توجيه السؤال هو مجرد الوقوف على الحقيقة فلا محل فيه للمناقشة .. ))(7) .
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة نص الدستور الإماراتي على أن: (( يمثل حكومة الاتحاد في جلسات المجلس الوطني الاتحادي رئيس مجلس الوزراء أو نائبه أو أحد أعضاء الوزارة الاتحادية على الأقل.. ويجيب رئيس الوزراء أو نائبه أو الوزير المختص عن الأسئلة التي يوجهها إليهم أي عضو من أعضاء المجلس للاستفسار عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم وذلك وفقاً للإجراءات المقررة في اللائحة الداخلية للمجلس الوطني .. ))(8) .
وبمقتضى هذا النص عرّفت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي السؤال بأنه: (( استفسار عضو المجلس الوطني الاتحادي عن أمر معين يجهله أو التحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه .. ويوجه السؤال إلى رئيس مجلس الوزراء في حالة الاستفهام عن أمور متعلقة بشأن خاص من شؤون وزارته .. ))(9) .
ويستفاد من هذه النصوص أن السؤال – كوسيلة للرقابة البرلمانية على أداء الوزراء – يمكن عضو المجلس الوطني الاتحادي من التحري عن حقائق معينة واستجلاء الأمور والتصرفات التي تصدر عن السلطة التنفيذية، وكذلك الاستفسار عن الأمور التي يجهلها، ولفت نظر الحكومة إلى موضوع معين، وبمقتضاه تترتب علاقة بين عضو المجلس السائل والوزير الموجه إليه السؤال، ويكون للسائل وحده أن يُعقب على رد الحكومة إذا لم يقتنع به أو إذا وجد في الردّ نقصاً أو غموضاً..(10) .
ويستهدف السؤال البرلماني حصول عضو المجلس النيابي السائل على معلومات حقيقية أو واقعية دون النظر إلى الناحية الإحصائية، وكذلك دفع وزير معين إلى اتخاذ عمل معين أو الامتناع عن عمل معين، وقد يقدم العضو السائل ما يراه من حلول، كما قد يترك للوزير الموجه إليه السؤال تقديم مثل هذه الحلول..(11) ، كما يتيح السؤال للعضو السائل – عند عدم رضاه عن إجابة الوزير الموجه إليه السؤال- ما يسمى اقتراح التأجيل (Adjournment) بهدف مناقشة أمر محدد ذي أهمية عامة ومستعجلة ومن الممكن أن تؤدي مناقشة هذا الاقتراح إلى تشكيل لجنة تحقيق نيابية في الموضوع، وهذا ما طبق في الدول التي لا تعرف نظام الاستجواب البرلماني..(12) .
ويتميز السؤال البرلماني – كوسيلة رقابية برلمانية- عن أدوات الرقابة البرلمانية الأخرى بأنه أحادي المصدر، أي أن مصدره عضو واحد من أعضاء المجلس النيابي، فالبرلمان لا يشترك فيه ولا يصدر قراراً بشأنه بخلاف الرقابة عن طريق الوسائل الرقابية الأخرى كالاستجواب وطرح موضوع عام للمناقشة، حيث يتم تبني هذه الأدوات الرقابية بواسطة عدة أعضاء، فهي رقابة جماعية، ولكل من هذه الوسائل الرقابية نطاقه وحدوده ومجاله.. كما أن الأسئلة البرلمانية تعتبر من أوسع وسائل الرقابة البرلمانية استخداماً وأكثرها تنوعاً من حيث الموضوعات التي تتناولها.. وأن الأمر ينتهي في شأن الأسئلة بمجرد حصول السائل على إجابة المسؤول عنه فإذا رأى العضو السائل أن الإجابة غير مرضية وأن الأمر من الخطورة مما يسوغ معه إثارة هذا الشأن في البرلمان طلب جعله محلاً لمناقشة عامة.
ويختلف السؤال البرلماني عن كل من: الاستجواب البرلماني، وطرح موضوع عام للمناقشة، من حيث شروط وإجراءات ونطاق ومجال كل منها:
1 - السؤال والاستجواب:
يُعتبر الاستجواب وسيلة رقابية يحق لعضو البرلمان بمقتضاها أن يطلب من الوزير بيانات عن السياسة العامة للدولة أو عن سياسة الوزير في تسيير شؤون وزارته في ضوئها، وذلك ليس بهدف الاستفهام عن شيء لا يعلمه- كما هي الحال في السؤال – وإنما بهدف المناقشة والانتقاد والمساءلة بل والتجريح أحياناً ..
والأمور المهمة التي ينصبّ عليها الاستجواب كشرط لصحته غير محددة على سبيل الحصر، فمن الممكن توجيه استجوابات بخصوص أي عمل مهم من أعمال السلطة التنفيذية، سواء كان في مسألة داخلية أم خارجية، عامة أم محلية، مادام أن الاستجواب لم يتجاوز حدود القانون(13).
كما أن الحق في تقديم الاستجواب ليس حقا شخصياً لعضو البرلمان – كما هي الحال في السؤال – وإنما هو حق للبرلمان ككل، وهذا لا يعني أنه ليس من حق العضو البرلماني أن يستعمل هذا الحق بمفرده وإنما يعني أنه بعد أن يتقدم عضو البرلمان باستجواب يصبح هذا الاستجواب حقاً للمجلس، فإذا تمسك بالاستجواب بعض أعضاء المجلس استمرت مناقشته حتى لو أبدى العضو المستجوب رغبته بالتنازل عنه(14).
أما بالنسبة لإمكانية تحويل الاستجواب إلى سؤال فهو موضوع محل نظر.. لأنه لا يوجد ما يبرر تحويل الاستجواب إلى سؤال لأن السؤال – كوسيلة رقابية برلمانية – وضع لأغراض تدور في مجملها حول الاستفهام عن أمر لا يعلمه العضو أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه، أو للوقوف على ما تعتزمه الحكومة في أمر من الأمور، أو للحصول على معلومات أو بيانات إحصائية بحتة.. وقد جرت التطبيقات البرلمانية على عدم معاملة الاستجواب كالسؤال من حيث إمكانية التحويل، ففي حين أجازت تحويل السؤال إلى استجواب، فإنها لم تجز تحويل الاستجواب إلى سؤال، لأن الاستجواب بمجرد طرحه في المجلس يصبح حقاً للمجلس وليس حقاً شخصياً للعضو المستجوب، ولذلك لا يملك المجلس أن يوقف الاستجواب وإنما عليه أن يحدد موعداً للمناقشة.
وهكذا يختلف الاستجواب عن السؤال البرلماني من زاويتين أساسيتين هما: موضوع كل منهما وما يشتمل عليه من وقائع، ففي الوقت الذي يكون فيه موضوع السؤال محدداً ومحدوداً، فإن موضوع الاستجواب يكون أكثر سعة واتساعاً، وهو ما نصت عليه المادة (106) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي بأن تقتصر المناقشة في السؤال على السائل وحده في مواجهة الوزير، خلافاً للوضع في حالة الاستجواب التي تفتح المجال للنقاش من قبل جميع الأعضاء.. أما الزاوية الأخرى فهي أن السؤال لا يؤدي إلى إثارة موضوع طرح الثقة بالوزير، في حين أن الاستجواب قد يؤدي إلى ذلك.
2 - السؤال وطرح موضوع عام للمناقشة:
يختلف الحق في طرح موضوع عام للمناقشة – كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية – عن حق السؤال في أن الحق الأول لا يقصد به مقدمة الاستفهام عن شيء يجهله كما هي الحال في السؤال بل مناقشة أمر من الأمور، وهو ليس محصوراً بين العضو الذي يطلب طرح الموضوع والوزير فقط بل لكل من يشاء من أعضاء المجلس النيابي الاشتراك في المناقشة.
وتنصبُّ طلبات المناقشة لأي موضوع عام على سياسة الحكومة في موضوع عام متعلق بشأن من شؤون الاتحاد مع إمكانية اشتراك بقية أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في المناقشة .. حيث يستفاد من نصوص اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي الخاصة بشروط وإجراءات تقديم طلب مناقشة موضوع عام أنه يشترط لقبول الطلب توقيع خمسة أعضاء على الأقل على طلب مقدم للمجلس لمناقشة موضوع عام يتعلق بشأن من شؤون الاتحاد، وأن المشرع ربط المناقشة بموافقة مجلس الوزراء على الطلب الذي قد يرى أن مناقشة الموضوع المطروح فيه مخالفة لمصالح الاتحاد العليا وبالتالي لا يوافق على مناقشته، فقد يؤجل مناقشة الموضوع أو يرفضه..(15) .
كما يخضع حق طلب مناقشة موضوع عام لعدة إجراءات هي: طلب رد من مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب، وإدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس ، وتحديد جلسة لمناقشته حيث يتم النقاش بحضور الوزير المختص، وتكون الأولوية في النقاش لمقدمي الطلب ثم لباقي الأعضاء، وهذا الإجراء يستند إلى عرف برلماني سار عليه المجلس الوطني الاتحادي وهو إعطاء الكلمة أولاً لمقدمي الطلب حال مناقشة الموضوع العام وطبقه منذ بدء مناقشة الموضوعات العامة..(16) .
ويلاحظ البعض أن استبعاد مجلس الوزراء لموضوعات يتقدم بها أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لمناقشتها يتم لاعتبارات تتعلق بالمساس بمصالح الاتحاد العليا، حيث لم يوضح النص الدستوري الذي قرر هذا المبدأ ما هي طبيعة هذه الاعتبارات ولا حدودها، وفيما إذا كانت تنسحب على كافة الموضوعات أم أنها تقتصر على بعض الموضوعات ، ولكنها تركت تقرير هذه الاعتبارات لمجلس الوزراء وحده ..(17) .
ومن تطبيقات المجلس الوطني الاتحادي في مجال طرح موضوعات عامة للمناقشة تقدم عدد من أعضاء المجلس بطلب مناقشة بعض الموضوعات ووافق مجلس الوزراء على ذلك: موضوع سياسة التعليم العالي والبحث العلمي، وموضوع الشباب والرياضة وسبل دعم الشباب والأندية.. كما أن من أمثلة الموضوعات العامة التي طلب مناقشتها ولم يوافق مجلس الوزراء على طرحها للمناقشة موضوع الهيكل السكاني وانعكاساته على المواطنين في الدولة.
وهكذا يعتبر طلب المناقشة وسيلة لطرح موضوع أو مسألة مهمة ليكون مجالاً لتبادل الرأي والحوار بين المجلس الوطني الاتحادي والحكومة وفرصة لاطلاع المجلس على سياسة الحكومة وبخاصة بعض المسائل المهمة التي تستوجب المناقشة العادلة والحكيمة أحياناً..
ومن أمثلة هذه الموضوعات التي طرحت للمناقشة بناء على طلب عدد من أعضاء المجلس – لا يقل عن خمسة – مشكلة توطين الوظائف والطلب من الحكومة والجهات المعنية الأخرى تقديم تصوراتها حول هذه المشكلة والحلول المقترحة عملياً لحلها، وحجم هذه المشكلة والمعوقات التي تعترض الحكومة في حلها على المدى القريب والبعيد .. وكذلك مناقشة موضوع الإستراتيجية الوطنية للمياه وحماية البيئة التي تتخذها الحكومة.
أما إمكانية تحويل السؤال إلى موضوع عام للمناقشة وتطبيقات ذلك في المجلس الوطني الاتحادي فهو محل خلاف فقهي سنتناوله لاحقاً ضمن الفصل الأخير من هذا البحث والخاص بمعوقات السؤال البرلماني.
المبحث الثاني : أهمية السؤال البرلماني كأداة فعالة للرقابة البرلمانية.
تحتل الأسئلة البرلمانية مكاناً مهماً في الأنظمة البرلمانية، وقد استندت اللوائح الداخلية لبرلمانات دول العالم إلى وظائف السؤال البرلماني والتي يهدف العضو البرلماني من ورائها إلى التحقق من واقعة وصل علمها إليه أو استفهام العضو عن أمر يجهله أو معرفة ما تعتزمه الحكومة في أمر من الأمور.
ويرجع التوسع في استخدام الأسئلة البرلمانية كوسيلة للرقابة البرلمانية إلى بساطة وسهولة استخدامها، فهي لا تتطلب خبرة معينة لدى العضو السائل إذ غالباً ما يتم وضع السؤال في أي صيغة مختصرة مما يجعله في متناول يد أي عضو من أعضاء المجلس التشريعي دون أي عناء يذكر.
وقد ثار التساؤل في الفقه الدستوري حول مدى جدوى السؤال البرلماني كوسيلة رقابية برلمانية.. فذهب رأي إلى القول بأن الأسئلة البرلمانية ليست سوى صورة من صور التعاون وتبادل المعلومات بين أعضاء البرلمان والوزارة، وأنها ليست وسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية، وأنها بالتالي إجراء عديم الأثر الفعلي لأنه لا يترتب عليه مناقشة، كما لا يمكن للبرلمان أن يتخذ بصدده أي قرار..(18) ، في حين ذهب رأي آخر إلى القول بأن الأسئلة البرلمانية تعتبر وسيلة جدية وفعالة لمراقبة الحكومة في تطبيقها للقواعد القانونية بصفة عامة والقواعد الدستورية بصفة خاصة لأنّ فيها استجلاء للمثير من الأمور والتصرفات، وفيها توجيه لنظر الحكومة إلى مخالفات معينة لاستدراكها..(19) .
وأياً كان الرأي حول جدوى السؤال كوسيلة رقابة برلمانية فإن التشريعات الدستورية المقارنة- ومنها دستور دولة الإمارات العربية المتحدة- تضمنت نصوصاً صريحة تنظم ممارسة هذه الوسيلة الرقابية لضمان سلامتها وتحقيق الهدف منها . ويستفاد من التطبيق والممارسة الفعلية لحق السؤال في المجلس الوطني الاتحادي أن عدد الأسئلة التي توجه بها أعضاء المجلس للوزراء خلال الفصول التشريعية التي امتدت من بداية عمل المجلس حتى نهاية الفصل التشريعي الثاني عشر (170) سؤالاً، وبذلك تحتل هذه الأداة الرقابية البرلمانية المرتبة الثانية من حيث الاستخدام بعد أداة – مناقشة الموضوعات العامة – والتي بلغت خلال نفس الفترة (222) موضوعاً عاماً، وأنه لا يكاد يخلو فصل تشريعي منها، وإن كان هناك تفاوت واضح بين الفصول التشريعية في استخدام حق الأسئلة حيث يلاحظ أن أكثر الفصول التشريعية التي طرحت خلالها أسئلة كان الفصل التشريعي الثاني عشر حيث بلغ عددها (56) سؤالاً بينما كان الفصل التشريعي العاشر أقلها طرحاً للأسئلة إذ لم تتعدّ سؤالاً واحداً..(20) .
وتبدو أهمية السؤال كأداة للرقابة البرلمانية من خلال الوظائف التالية:
1 - استخدام السؤال كأداة للكشف عن المخالفات :
تعتبر الأسئلة البرلمانية إحدى الأدوات الرقابية البرلمانية المهمة التي تستخدمها المجالس النيابية للرقابة على الأعمال والنشاطات الحكومية اليومية والكشف عن التجاوزات والمخالفات الحكومية واستيضاح برامج الحكومة، كما تظهر أحياناً تعسف الإدارة الحكومية وتؤدي بالتالي إلى علاج شكاوى الشعب عن طريق توجيه تلك الأسئلة البرلمانية وإيجاد أماكن الخلل في العمل الحكومي الدائم.. فقد يتقدم عضو البرلمان بتوجيه سؤال إلى الوزير يمكن من خلال إجابة الوزير كشف بعض المخالفات في المرافق الحكومية، وقد يؤدي إلى إحراج الحكومة سياسياً، فضلاً عن أن الأسئلة قد تحقق هدفاً أسمى هو السعي لتحقيق إصلاحات حكومية في مرافق وخطط الدولة المستقبلة، وقد تمتد لتشمل القوانين والأنظمة وإعادة النظر فيها.. كما أنها تؤدي إلى توفر معلومات عن أوضاع الأجهزة الإدارية ومشاكلها، حيث تكشف إجابات الوزراء عن الأسئلة عن بعض المخالفات القانونية والإدارية والمالية..(21) .
ومن التطبيقات التي تمت في هذا المجال: السؤال الذي يستهدف الكشف عن أوجه القصور في الرقابة الإدارية والمالية على موظفي الحكومة وأموالها العامة، والسؤال الذي يستهدف الاستيضاح عن سياسة الحكومة في التعيين في الوظائف العامة لغير المواطنين، والسؤال الخاص بواقعه ترقية بعض الموظفين حيث تكشف إجابة الوزير طريقة ومعايير الترقية ومدى اتفاقها مع القانون.. ومثل هذه الوقائع وغيرها لا يمكن كشفها دون استخدام أسلوب الأسئلة البرلمانية لتأكيد وقوعها رسمياً على الأقل..
يضاف إلى ذلك أن السؤال البرلماني يشكل في حقيقته مساءلة علنية للوزير الذي قد يقتنع- بعد دراسة الموضوع محل السؤال- بعدم سلامة الإجراء الذي سبق له اتخاذه فيصدر قراراً مخالفاً يصوب به الوضع أو يعيد النظر في السياسة التي ستتبع في المستقبل.. كما قد يشكل السؤال وسيلة تساعد الحكومة على توضيح نواح معينة من سياستها في الوقت الذي يكون اللجوء للمناقشة العامة سابقاً لأوانه لأن الحكومة قد لا تكون مستعدة للمناقشة فتستخدم الحكومة السؤال للإدلاء ببيان عام عن سياستها بصفة عامة أو بصدد أمر معين متعلق بأحداث جارية ..(22) .
2 - استخدام السؤال لمتابعة تنفيذ القوانين واللوائح والمراسيم والقرارات:
يعتبر السؤال وسيلة جدية لمراقبة الحكومة في تطبيقها للقواعد القانونية بصفة عامة، والقواعد الدستورية بصفة خاصة لأن في السؤال استجلاء للكثير من الأمور والتصرفات، وفيها توجيه لنظر الحكومة إلى مخالفات معينة لاستدراكها.. والتأكد من خلال الأسئلة من قيام الحكومة بتنفيذ القوانين واللوائح وكشف الصعوبات التي تواجهها عند تنفيذها مما يؤدي إلى إجراء بعض الإصلاحات التشريعية ومتابعة تنفيذ المراسيم والقرارات الوزارية.
وقد يستخدم السؤال وسيلة فعالة لإحداث إصلاحات تشريعية مما يمكن العضو السائل من التقدم باقتراحات لمعالجة أوجه النقص أو القصور أو الغموض في القوانين واللوائح حتى يمكنها مسايرة الواقع العملي للإدارة والتطور المستمر في هيكلة الدولة ومرافقها الحكومية وبرامجها المختلفة . ذلك أنه لا يمكن لأعضاء المجالس النيابية متابعة تنفيذ القوانين من قبل السلطة التنفيذية إلا بوجود حق السؤال البرلماني إذ من خلاله يمكن لأعضائها معرفة مدى التزام أعضاء الحكومة بتنفيذ القوانين في مجال اختصاصاتهم.. ومن مظاهر هذه المتابعة استفسار أعضاء البرلمان عن أسباب التأخر في إصدار القوانين ولوائحها التنفيذية التي تم إقرارها ونشرها، أو عن أسباب عدم تنفيذها برغم مرور المدد القانونية المحددة لصدورها وتنفيذها.
ومن تطبيقات المجلس الوطني الاتحادي في مجال توجيه أعضائه الأسئلة للوزراء المختصين بشأن التأخر في إصدار القوانين أو التأخر في تنفيذها أو عدم الالتزام الدقيق بمضمونها الأسئلة الآتية:
§         السؤال الموجه من عضو المجلس لوزير المالية والصناعة حول تأخر عرض الحسابات الختامية للاتحاد، حيث أكد العضو السائل في هذا السؤال على أن الأمر ينطوي على مخالفة دستورية للمادة (135) من الدستور الاتحادي والمتعلقة بوجوب تقديم كشوف الحسابات الختامية للإدارة المالية خلال الأربعة الأشهر التالية للسنة المالية المذكورة .. وكان رد الوزير أن هذه الفترة غير كافية عملياً ولكن الأمر يحتاج إلى معالجة..(23) .
§         السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس لوزيرة الاقتصاد حول تنفيذ القانون الاتحادي رقم (24) لسنة 2006 في شأن حماية المستهلك والإجراءات التي قامت بها الوزارة والجهات ذات العلاقة في شأن تنفيذ هذا القانون..(24) .
§         السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس عن أسباب التأخر الشديد في عدم عرض مشروعي قانونين اتحاديين في شأن الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية ومعاشات ومكافآت التقاعد للموظفين والمستخدمين المدنيين على المجلس الوطني الاتحادي على الرغم من أهمية هذين القانونين.. حيث لم يقتنع العضو السائل بإجابة الوزير المختص الكتابية، الأمر الذي تطلب حضور الوزير للرد على السؤال شخصياً وأفاد بأن مشروعي القانونين لدى لجنة التشريعات في المجلس..(25) .
§         السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس إلى وزير العدل والأوقاف حول الإجراءات التي اتخذتها وزارته لمكافحة النشاطات التي تمارسها الجمعيات التبشيرية برغم صدور القانون الاتحادي رقم (18) لسنة 1978 بشأن الجرائم الماسة بالدين الإسلامي الذي يقضي بمعاقبة كل من أنشأ أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة تهدف إلى مناهضة أو تجريح الأسس والتعاليم التي يقوم عليها الدين الإسلامي أو التبشير بغير هذا الدين..(26) .
§         السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس لوزير العمل والشؤون الاجتماعية حول السماح بتكوين التنظيمات العمالية وفق الشروط والضوابط التي يحددها الوزير والأسباب التي حدت بالوزارة إلى استصدار مشروع القرار وما هي إيجابيات وسلبيات تطبيق أو عدم تطبيق هذا القرار؟ .. وقد ردّ الوزير الموجه إليه السؤال كتابة، كما أحاط عضو المجلس السائل زملاءه أعضاء المجلس بمضمون الردّ وتعقيبه عليه، وأنه مقتنع برد الوزير المكتوب، إلا أن لديه ملاحظتين على رد الوزير هما: الأولى: أنه لابد أن تقوم الحكومة بدراسة متأنية للقرار قبل السماح بتكوين هذه التنظيمات العمالية.. والثانية: أن تقوم الحكومة بموافاة المجلس الوطني الاتحادي بمشروع القانون المزمع إصداره في شأن هذا الموضوع نظراً إلى لأهمية الكبرى لهذا الموضوع..(27) .
وهكذا تتضح أهمية وفاعلية السؤال البرلماني – كوسيلة مهمة من وسائل الرقابة البرلمانية – إلا أن هذه الأهمية تقاس من خلال عدد من المؤشرات أهمها: عدد الأسئلة التي تقدم بها أعضاء المجلس النيابي خلال فترة زمنية محددة، والمجالات التي تناولتها الأسئلة وتنوعها ومدى تكرارها، وأدوار الانعقاد العادية وغير العادية التي وجهت فيها أسئلة، وإجابات الوزراء المكتوبة والشفوية عليها والتعقيب من قبل الأعضاء الذين وجهوا هذه الإجابات، وعدد الأسئلة التي تم الرد عليها أو تم تأجيل الرد عليها، وتنوع وتعدد الموضوعات التي تناولتها، ومدى استجابة الوزراء الذين وجهت إليهم الأسئلة وحضورهم للإجابة عنها، والنتائج التي حققها توجيه الأسئلة، والأسباب والمعوقات التي أدت إلى عدم إجابة الوزراء عنها أو طلب تأجيلها..(28) .
الفصل الثاني : شروط قبول السؤال البرلماني
حددت الدساتير واللوائح الداخلية للمجالس النيابية في الدول البرلمانية الشروط المطلوب توافرها في السؤال البرلماني لقبوله وإدراجه ضمن جلسات المجالس وبالتالي إجابة الوزير المختص عنه.. وتشمل هذه الشروط ما يأتي:
أولاً: أن يكون السؤال مكتوباً:
يشترط لقبول السؤال المقدم من عضو المجلس النيابي أن يكون مكتوباً وأن يصاغ بصورة مختصرة وواضحة وخالية من التعليق وضمن العدد المسموح بتقديمه، وقد أجمعت الدساتير ولوائح المجالس النيابية على وجوب أن يكون السؤال البرلماني مكتوباً..
والأصل في السؤال البرلماني أن يكون مكتوباً، وإن درجت التشريعات المنظمة لأعمال المجالس النيابية على النص على ذلك، فإن ذلك لا يعدو أن يكون في حقيقته إلا تأكيداً لهذا الأصل المستمد من طبيعة الحق في السؤال وهدفه ومرماه، فالسؤال يتعين أن يكون واضحاً مبيناً فيه الأمور المراد الاستفهام عنها، والحكمة بلزوم ذلك أن تجيء عبارات السؤال محددة بما يجعله مفهوماً بحيث تعين المسؤول في البحث وإعداد الإجابة عنه في سهولة ويسر، إذ إن من شأن إبهام السؤال أن يؤدي إلى عدم إمكانية الحصول على إجابة محددة عنه من المسؤول وهو ما لا يتحقق معه الهدف من السؤال.. كما أن من شأن توجيه السؤال بالكتابة إفساح الوقت والمجال للمسؤول لتمكينه من إعداد الإجابة عن السؤال بما يتطلب ذلك من بحث وجمع للبيانات المطلوبة، فضلاً عن أنه يضمن للمسؤول أن يكون في مأمن من المباغتة، بالإضافة إلى أن السؤال المكتوب يوفر على المجلس النيابي الوقت ولاسيما أن المجلس لا يشترك فعلاً في المناقشة كما تستوجب طبيعة السؤال، إذ إنه ليس محلاً لمناقشة عامة..(29) ، وقد أشارت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي في المادة (107) منها إلى أنه (( يجب أن يكون السؤال موقعاً من مقدمه ومكتوباً بوضوح وإيجاز قدر المستطاع ... )) ويستفاد من هذا النص أن الأصل أن تكون الأسئلة مكتوبة وذلك في الأسئلة الأصلية، أما الأسئلة الإضافية التي تطرح فجأة عقب إجابة الوزير عنها فلا تتطلب الكتابة بل تطرح شفوياً في المجلس بعد إجابة الوزير عنها.
واستثناء من هذا الشرط يجوز لعضو المجلس النيابي توجيه أسئلة شفاهاً إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء، وهي أسئلة تتميز عادة بقصر مدة الرد عليها وذلك لأهمية السؤال الذي يستعجل به السائل سؤاله، حيث إن هذا النوع من الأسئلة إنما يثار بمناسبة مسائل هي في طبيعتها محل مناقشة عامة في المجلس، ومثالها الأسئلة التي تطرح عند مناقشة الميزانية، أو عند طرح موضوع ذي أهمية قصوى أو يتعلق بالمصلحة العامة ولا يحتمل التأخير أو تتعلق بقضايا ظرفية طارئة تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني وتستلزم إلقاء الضوء عليها باستعجال من قبل الحكومة عن طريق مجلس النواب.
وقد عرّف النظام البرلماني البريطاني الأسئلة الشفوية (Oral questions) وهي أسئلة يوجهها عضو البرلمان ويطلب الإجابة عنها في مدة لا تزيد عن يومين، وإذا أراد العضو أن تكون الإجابة شفوية فيمكنه إن يميّز سؤاله بوضع (نجمة) على المستند الذي يوجه عليه السؤال، ويحق للعضو أن يتقدم بسؤالين في اليوم الواحد، ولا يستغرق وقت بحث الأسئلة أكثر من ساعة..(30) .
كما أجاز النظام البرلماني المغربي تحويل السؤال الشفوي إلى سؤال كتابي، حيث نصت المادة (157) من الدستور المغربي على أنه: (( يجوز لمكتب البرلمان أن يحوّل كل سؤال شفوي- له طابع شخصي أو محلي- إلى سؤال كتابي بعد إشعار صاحب السؤال بذلك كتابة، وللنائب أجل ثمانية أيام ليعلن عن موافقته أو رفضه.. وتُعتبر عدم إجابة النائب المعني بالأمر موافقة على تحويل السؤال الشفوي إلى كتابي )) .
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة أجازت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي تقديم أعضاء المجلس أسئلة شفوية في حالات معينة هي ما يوجهه الأعضاء من أسئلة إلى رئيس الوزراء أو الوزراء أثناء مناقشة الميزانية أو عند مناقشة أي موضوع مطروح على المجلس، إذ في مثل هذه الحالات لا تخضع أسئلة الأعضاء للإجراءات القانونية الخاصة بالأسئلة ويمكن لهم توجيهها في أي وقت شاؤوا.. وهذا ما نصت عليه المادة (112) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي من أنه: (( لا تطبق الإجراءات السابقة الخاصة بالأسئلة على ما يوجه منها إلى رئيس الوزراء أو الوزراء أثناء مناقشة الميزانية أو أي موضوع مطروح على المجلس، وإنما يكون للأعضاء أن يوجهوها في المجلس شفوياً )).
ويقدم السؤال عادة بصيغة واضحة ومختصرة تحدد مضمونه، ويوجه إلى رئيس المجلس بصيغة مناسبة وفق النموذج المعد لذلك. وقد تكون صيغة السؤال المكتوب مجزأة بحيث يتضمن السؤال عدة أجزاء أو فقرات.. ومن تطبيقات ذلك تقدم أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بسؤال في شأن موضوع انقطاع التيار الكهربائي في إمارة رأس الخيمة حيث ردّ وزير الكهرباء والماء على هذا السؤال وفنده إلى ثلاثة أجزاء هي: السؤال عن أسباب ضعف التيار الكهربائي في مناطق رأس الخيمة، والسؤال عن أسباب انقطاع التيار الكهربائي، والسؤال عن الإجراءات التي قامت الوزارة بتنفيذها للحد من هذه المسألة وخططها المستقبلية..(31) .
ثانياً: أن يوجه السؤال من عضو واحد:
يُعتبر السؤال البرلماني حقاً شخصياً لعضو السلطة التشريعية، ولهذا يُفترض أن يصدر من عضو واحد من أعضاء البرلمان، ولا يمنع أن يسأل أي عضو نفس السؤال أو الموضوع..
ويترتب على كون السؤال البرلماني حقاً شخصياً لعضو البرلمان أن بإمكانه أن يسحب سؤاله في أي وقت ويعتبر السؤال كأن لم يكن، ولهذا لا يجوز أن يتقدم العضو بسؤال عن أفراد محددين أو مجموعات ذات ثروة وإنما الأسئلة البرلمانية تشمل الشأن العام..(32) .
وقد أقرت الدساتير هذا الشرط وأخذ به العرف الدستوري البريطاني حيث أقر قاعدة عرفية دستورية بأن السؤال يوجه من قبل العضو في البرلمان ويضعه أمام مجلس العموم البريطاني .. كما أقرته اللائحة الداخلية للجمعية الوطنية الفرنسية في المادة (133) والمادة (75) من اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ والتي نصت على أن : (( يضع العضو أو الشيخ نص سؤاله أمام الرئيس الذي يعلنه للحكومة.. ))(33) .
ويرجع بعض الفقهاء الحكمة من اشتراط هذا الشرط لقبول السؤال البرلماني إلى أمرين: أولهما: احترام إرادة المشرع الدستوري الذي أضفى على السؤال طابعاً فردياً مما يكون مؤداه عدم تقديمه إلا من عضو واحد.. وثانيهما: منع التحايل على وسائل الرقابة البرلمانية بإثارة أسئلة جماعية يقدمها مجموعة من الأعضاء لا بقصد السؤال وإنما بهدف طرح موضوع عام للمناقشة أو الالتفاف حوله لتحويله إلى استجواب مما يثير المسؤولية السياسية للحكومة أو الوزير المختص دون اتساع الإجراءات المرسومة لذلك..(34) .
يضاف إلى ذلك أن الحق في توجيه السؤال هو من الحقوق الثابتة لعضو المجلس النيابي طبقاً للدستور واللائحة الداخلية للمجلس فإذا توافرت في السؤال البرلماني مقوماته واستجمعت شرائطه في إطار حدوده الدستورية فإنه لا يسوغ وضع قيد على إرادة عضو المجلس في استعمال هذا الحق فيما يرى الحاجة إليه، والحصول على الإجابة المطلوبة أو وضع العراقيل التي تحول بينه وبين استعمال هذا الحق ، أو تقييده على أي وجه من الوجوه، لما من شأن ذلك إفراغ الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة وتصرفاتها – وهي جوهر المسؤولية الوزارية – من مضمونها، وتعطيل حكم الدستور..
كما أن أعضاء البرلمان يستمدون نيابتهم من الأمة، وترتيباً على ذلك فإن ممارستهم لمهامهم التشريعية والرقابية حق شخصي يمارسونه دون تدخل من أي كان في الطريقة التي يختارونها لممارسته.. وبناء عليه فان ردّ الوزير لأسئلة النواب وإرجاعها إليهم دون جواب يُعتبر تدخلاً في حق شخصي لا تقر الدساتير التدخل فيه من أي كان.. (35) .
والأمر المحظور في هذا الشرط هو الاتحاد العضوي في ذات السؤال لا الاتحاد الموضوعي فيه، فلا يجوز أن يتقدم عضوان في المجلس النيابي بسؤالين متماثلين إلى أحد الوزراء للاستفسار عن موضوع واحد، ولكن لا يمنع أن يتقدم بعض الأعضاء بمجموعة من الأسئلة حول موضوع واحد.
وقد ورد النص صراحة على هذا الشرط في المادة (106) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي ومؤداها أن : (( لكل عضو أن يوجه لرئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة.. ولا يجوز أن يوجه السؤال إلا من عضو واحد ويكون توجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء أو إلى وزير واحد )).
وهذا يعني أن يقتصر السؤال البرلماني على إيجاد نوع من الحوار الثنائي بين عضو من أعضاء المجلس النيابي وأحد الوزراء، فلا يجوز أن يوجه السؤال أكثر من عضو من أعضاء المجلس ، ولا أن يوجه إلى أكثر من وزير واحد والذي يتعين عليه أن يجيب، وإنما يجوز للوزير أن يجمع الأسئلة المتقاربة والمتشابهة ويقدم الرد عليها مرة واحدة..(36) .
ثالثاً: أن يكون السؤال في الموضوعات التي تدخل في اختصاصات الوزير:
يقتضي هذا الشرط لقبول السؤال البرلماني أن لا يأخذ السؤال منحى خاصاً يخرج عن مصالح الدولة وإدارة الحكومة لها.. وأن يقتصر السؤال على أمر محدد يلزم الاستفسار عنه بين السائل الذي يستفهم عن أمر يجهله أو يريد التحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه، وبين المسؤول الذي يجيبه فحسب، فالسؤال لا يثير جدلاً بين السائل والمسؤول، كما لا يثير مناقشة عامة في موضوع يتدخل فيها الغير من ناحية أخرى، وأن يكون السؤال دقيقاً حتى تسهل الإجابة عنه وتكون الإجابة محددة.
وقد يحدث أحياناً أن يوجه نفس السؤال إلى مجموعة من الوزراء مرة واحدة في وقت واحد وحول موضوع واحد وهو أمر لا يتفق مع مضمون هذا الشرط، ذلك أنه لا يجوز تقديم سؤال في أوقات متزامنة إلى عدد من الوزراء لأن مثل هذا الإجراء يأخذ صيغة الاستجواب الموجه إلى الحكومة.. وقد أجاز البعض أن يتناول موضوع السؤال أعمال عدة وزارات فيتولى الوزير المختص بكل وزارة الردّ على ما يخص وزارته..(37) .
وقد جرى التطبيق في بعض الدول البرلمانية على الالتزام بهذا الشرط لقبول السؤال البرلماني.. ففي إيطاليا: تحدد الأسئلة البرلمانية بدقة من قبل البرلمان، حيث يتم التأكد من أن السؤال يدور حول مجرد طلب معرفة ما إذا كانت واقعة صحيحة أو أن خبراً وصل إلى علم الحكومة أو تلك التي يتوقف عليها اتخاذ قرار حول نقطة معينة.. وفي ألمانيا: تقبل الأسئلة ذات الاهتمامات الإدارية أو تلك التي تتعلق بالسياسات الاتحادية..(38) . وفي فرنسا : نصت لائحة الجمعية الوطنية الفرنسية على أن السؤال يكون محدداً أو محدوداً حتى يمكن للوزير المسؤول الإجابة عنه.. كما بينت لائحة مجلس الشعب المصري أنه يجب أن يكون نص السؤال مقصوراً على الوقائع المطلوب إيضاحها..(39) .
وتنص بعض الدساتير صراحة على ألا يكون للعضو موجه السؤال مصلحة خاصة، سواء كانت هذه المصلحة له أو لمن له مصلحة معه.. وأن يكون السؤال متعلقاً بِشأن عام أو مسألة عامة ترتبط بمصلحة الكثير من الناس أو تتصل بالمبادئ التي ينبغي أن تسير عليها الحكومة في تصرفاتها، ولا يسوغ أن يكون السؤال عن نيات هي بطبيعتها ليست محلاً للأسئلة البرلمانية.. ومثال ذلك ما نص عليه الدستور البحريني في المادة (91) منه على أنه: (( لا يجوز أن يكون السؤال متعلقاً بمصلحة خاصة بالسائل أو بأقاربه حتى الدرجة الرابعة أو بأحد موكليه.. )).
وتدلنا الوقائع العملية للمجالس النيابية أن بعض الأسئلة البرلمانية التي يوجهها أعضاؤها قد تأخذ منحى يصبّ في المصلحة الخاصة لبعض الأعضاء مما يحيد بالسؤال عن الهدف الرئيسي وهو الاستعلام عن قضايا مبهمة للعضو أو إصلاح بعض الإجراءات التي قام بها الوزير بقصد إصلاحها.. ومن أمثلة هذه الأسئلة: تلك التي يركز فيها العضو السائل على مصالح منطقته الانتخابية، وهي من أقدم وسائل الأعضاء في جذب الناخبين، وكذلك الأسئلة المتعلقة بالميزانية وأوجه الصرف المختلفة لبعض النفقات والتي تكشف عن صراعات بين بعض أعضاء البرلمان والوزراء.. أو أن تكون الأسئلة موجهة لأحد الوزراء أو أحد المسؤولين عن التعيينات وعدم تلبية طلب العضو السائل في ذلك.. أو أن يكون محل السؤال الاستفسار عن تشكيل بعض المجالس أو اللجان في الوزارات بهدف رئاسة أو مشاركة عضو أو عضوين لهذه المجالس واللجان ممن للعضو السائل مصلحة معهم .. أو توجيه سؤال يحتوي على تعريض غير لائق بدولة صديقة، أو أن يكون السؤال حول مسائل ذات طابع سري يؤدي إفشاؤها إلى الإضرار بالمصلحة العامة..
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ذكرت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي في المادة (106) منها أن: (( لكل عضو أن يوجه لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أسئلة للاستفسار عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم بما في ذلك الاستفهام عن أمر يجهله العضو والتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه.. )).
ويُستفاد من هذا النص أن اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي قد حددت نطاق السؤال والغرض منه وهو استيضاح السائل عن بعض الأمور من المسؤول وتوضيحها له، وحصرت الأحكام الدستورية المنظمة لحق السؤال موضوع السؤال فيما يدخل في اختصاص الوزير المسؤول وهو بما مؤداه أن يكون توجيه السؤال إلى رئيس مجلس الوزراء في نطاق اختصاصه المحدد في الدستور عن السياسة العامة للحكومة فحسب، وأن يكون توجيه السؤال إلى الوزير فيما يدخل في اختصاصه أو في نطاق عمل وزارته بحسب الأحوال.
رابعاً: أن يكون السؤال خالياً من العبارات غير اللائقة أو فيه عبارات تمس أشخاصاً أو هيئات أو تضر بالمصلحة العليا للبلاد:
الأصل أن حق السؤال المقرر لعضو المجلس النيابي في الدساتير وسيلة من وسائل رقابة هذا المجلس على أعمال وتصرفات الحكومة، وهذا الحق ليس حقاً مطلقاً وإنما يحدّه حين ممارسته قيد نابع من حق دستوري آخر مقرر هو حق الفرد في كفالة حريته الشخصية وما يقتضيه ذلك من وجوب حماية خصوصياته والحفاظ على كرامته واحترام حياته الخاصة بعدم انتهاك أسراره فيها.. ذلك أن تضمين السؤال المساس بأشخاص محددين يتعارض مع النصوص التي أوجبت أن يكون السؤال خالياً من العبارات التي تمس أشخاصاً أو هيئات أو ذكر أسماء أشخاص أو المساس بهم فيما يتعلق بشؤونهم الخاصة.. فقد يطلب العضو السائل من الوزير المختص تضمين إجابته معلومات أو بيانات عن أشخاص في وقائع معينة يؤدي نشرها إلى المساس بسمعتهم أو يسبب لهم إحراجاً مما يعتبر مبرراً لاعتذار الوزير عن الإجابة.. ولهذا عنيت التشريعات ذات الصلة بنظام العمل بالمجالس النيابية بتنظيم حق السؤال بما يتحقق المراد منه من الجهة الواحدة، وألا يُساء استعماله من الجهة الأخرى بحيث لا يكون من شأنه عرقلة أعمال الحكومة وتعطيل مصالح الدولة أو ضياع وقت المجلس وتعطيله عن ممارسة عمله في نظر المسائل التشريعية.
وقد أكدت اللوائح التنفيذية للبرلمانات والأعراف البرلمانية على هذا الشرط وطبقته على السؤال المكتوب.. ففي لوائح مجلس الشيوخ في فرنسا استعملت عبارة: (( أن يكون السؤال خالياً من العبارات غير اللائقة )) ، مما يعني ألا يحتوي السؤال على اتهامات شخصية للآخرين محددين بالاسم.. كما جرى العرف في مجلس العموم البريطاني على رفض الأسئلة التي تتضمن المساس بالآداب البرلمانية أو يحتوي على ألفاظ غير لائقة أو التعنيف..(40) ، كما نصت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي على هذا الشرط في المادة (107/ ف2): (( بألا يشمل السؤال الذي يوجهه عضو المجلس الوطني الاتحادي إلى احد الوزراء على عبارات غير لائقة )).
وهذا الشرط يقتضي ألا يضمن العضو السائل سؤاله أية عبارات أو أوصافاً غير لائقة لشخص الوزير الموجه إليه السؤال أو لتصرفات أو لأعمال وزارته أو أن ينتقل العضو السائل من مجرد الاستفهام إلى أسلوب القدح والتجريح بدلاً من تقصي حقيقة وضع معين يُفترض أن يجهله وإلا لما سأل عنه.. ذلك أن وضع عضو البرلمان الذي يمثل الشعب وما يتطلبه هذا الوضع من توافر صفات الوقار والاحترام وآداب المخاطبة بحيث لا ينطق بألفاظ غير لائقة عند استخدامه لوسائل الرقابة البرلمانية ومنها السؤال البرلماني.. ومن أمثلة الإخلال بهذا الشرط: أن يرد في السؤال الموجه من أحد أعضاء البرلمان إلى وزير معين قوله عند التعقيب على إجابة الوزير: إن ما ورد في ردّ الوزير المرسل إلينا هو كلام غير مسؤول وتنقصه الدقة والموضوعية بل والصدق أحياناً.. أو أن يستخدم العضو السائل في سؤاله الموجه إلى وزير معين كلمات اعتبرها الوزير الموجه إليه السؤال كلمات غير لائقة وتنطوي على الذم والقدح بشخصه قد تكون نتيجتها رفع دعوى أمام القضاء على العضو السائل..
ويندرج ضمن مخالفة هذا الشرط أن يكون من شأن السؤال المساس بالأشخاص أو الهيئات أو الإضرار بالمصالح العليا للبلاد أو إفشاء أسرارها العسكرية أو الأمنية لدواعي المصلحة العامة التي تعلو فوق أي اعتبار، أو أن يكون توجيه السؤال حول الاتصالات السرية مع الحكومات الأجنبية والأمن العام والأسرار التجارية والمهنية والمعلومات الخاصة بالأفراد ، وكذلك تفاصيل مبيعات الأسلحة وعقود وزارة الدفاع والديون الحكومية ومداولات مجلس الوزراء..(41) وكلها استخدامات للسؤال البرلماني تجعل منه أداة للانتقام الشخصي والهجوم والتجريح بدلاً من أن يكون وسيلة للاستفهام أو لإيضاح بعض الأمور الخاصة بوزارات الدولة.
ولا يجوز أن يكون من شأن السؤال التدخل فيما يتصل بأعمال السلطة التنفيذية في تصريف شؤون سياسة الدولة الخارجية وما يرتبط بعلاقاتها الخارجية مع باقي الدول وما يتعلق بالمفاوضات أو المحادثات التي تجريها مع تلك الدول، وفي إبرام المعاهدات باعتبار أن رئيس الدولة هو صاحب الحق في ذلك فضلاً عن أن علانية المناقشات البرلمانية لا تتناسب مع طبيعة تلك الأعمال وما قد تتطلبه من وجوب الحذر والاحتياط في تناول المسائل المتعلقة بها.. وأن مسؤولية الحكومة إزاء تلك الأعمال الخارجية تختلف كل الاختلاف عن مسؤولياتها إزاء الأعمال الداخلية وذلك لاختلاف طبيعة كل منهما.
كما لا يصح توجيه أسئلة ولا الجواب عنها فيما يختص بمعاهدات لا تزال معلقة أو مناقشة مسائل دبلوماسية في البرلمان.. وعليه إذا لم تتوافر في السؤال الشروط السابقة جاز لمكتب المجلس استبعاده بناء على إحالة من رئيس المجلس الوطني الاتحادي فإن لم يقتنع العضو بوجهة نظر المجلس عرض الأمر على المجلس للبت فيه دون مناقشة وذلك قبل إبلاغ السؤال إلى الوزير الموجه إليه.
الفصل الثالث : إجراءات تقديم السؤال البرلماني.
يبدأ تقديم السؤال عندما تتوفر رغبة لدى أحد أعضاء المجلس التشريعي بتوجيه سؤال إلى رئيس مجلس الوزراء أو أحد الوزراء للاستيضاح عن سياسة الحكومة وطريقة إدارتها للبلاد.
وتختلف الدول فيما بينها من حيث الجهة التي يقدم إليها السؤال البرلماني.. ففي بريطانيا: يتم تقديم السؤال إلى مكتب مجلس العموم لمعرفة ما إذا كان السؤال   لا يتعارض مع القواعد البرلمانية.. ويمكن لعضو المجلس مناقشة الكاتب في مجلس العموم، وفي حالة استمرار الخلاف يعرض العضو الموضوع على رئيس المجلس.. وفي فرنسا: يختص مجلس الرؤساء بتقرير قبول السؤال أو رفضه.. وفي مصر: يتولى رئيس مجلس الشعب..(42) إدراج السؤال في جدول الأعمال ويقرر مدى صلاحيته للقبول أو الرفض..(43) ، وفي الكويت يتم تقديم السؤال البرلماني من عضو البرلمان إلى مكتب المجلس الذي له الصلاحية الكاملة في استبعاد السؤال إذا تبيّن له عدم توفر الشروط اللازمة..(44) .
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة نظمت المادة (107) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي عملية تقديم السؤال وما إذا كان السؤال المقدم يحتاج لأي تعديل حتى يمكن دفعه إلى الوزير المختص فنصت على أنه: (( إذا لم تتوافر في السؤال الشروط المتقدمة جاز لهيئة مكتب المجلس استبعاده فإن لم يقتنع العضو بوجهة نظر هيئة المكتب عرض الأمر على المجلس للبت فيه دون مناقشة.. )) .. ويتضح من هذا النص إن لمكتب المجلس الوطني الاتحادي الصلاحية الكاملة في استبعاد السؤال إذا تبين له عدم توفره على الشروط اللازمة لقبوله.
وتتضمن الإجراءات الخاصة بتقديم السؤال البرلماني: تقديم السؤال مكتوباً وإدراجه في جدول أعمال أول جلسة تالية لتاريخ إبلاغه إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص تحت بند الأسئلة، وتحديد الجلسة التي يدرج فيها السؤال، وتحديد مواعيد الردّ على السؤال، وتوجيه الأسئلة خلال عطلة المجلس..
أولاً: تقديم السؤال مكتوباً وإدراجه في جدول أعمال المجلس:
يقدم السؤال البرلماني عادة مكتوباً بصيغة واضحة ومختصرة تحدد مضمونه، ويوجه إلى رئيس المجلس الذي يبلغه إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص وذلك وفق النموذج المعد لذلك.. وقد جرى العمل في المجلس الوطني الاتحادي على تطبيق النموذج التالي بصيغة توجيه السؤال:
سعادة/ رئيس المجلس الوطني الاتحادي
تحية طيبة وبعد:
الموضوع: ............................................................
أرجو توجيه السؤال التالي إلى معالي/ ............................................... وزير............................................
.....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
فما هي الإجراءات التي من الممكن أن تتخذها الحكومة ؟
                                                                                          مقدم السؤال

ويتم إدراج السؤال المقدم من عضو المجلس مستوفياً الشروط المطلوبة ضمن قائمة الأسئلة التي لا زالت أمام المجلس، ويبلغ بعد ذلك الوزير المختص برسالة من رئيس المجلس مرفقاً بها نص السؤال في حالة إدراجه على جدول أعمال الجلسة وفي الجلسة المحددة لنظر السؤال وعند الوصول إلى بند الأسئلة يقوم الأمين العام للمجلس بتلاوة نص السؤال..(45) ، ذلك أن إبلاغ السؤال للوزير المختص يساعده على الإجابة عن السؤال المبلغ له، وذلك من خلال تكليف موظفي وزارته المختصين بإعداد الرد ليتمكن الوزير من إلقائه في المجلس إذا كان شفوياً أو يرسله للمجلس إذا كان مكتوباً.
وقد جرت التقاليد البرلمانية على أن الأسئلة التي لها طبيعة خاصة – بمعنى أنها مستعجلة وذات أهمية خاصة وتتعلق بمصالح المجتمع بمجموعة – تدرج في جدول الأعمال قبل الأسئلة العادية، كما جرت التقاليد البرلمانية على إعطاء الأسئلة البرلمانية أولوية وأسبقية على سائر المواد المدرجة في جدول أعمال جلسات المجالس النيابية.
والمقصود من عبارة (الجلسة المحددة لنظر السؤال) الواردة في المادة (109) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي الجلسة التي يدرج فيها السؤال بجدول أعمال المجلس وإن تأخر وقت التعقيب عليه في جلسة لاحقة، بمعنى أن الجلسة التي يدرج السؤال بجدول أعمالها هي الجلسة التالية لتاريخ إبلاغه إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص والمحددة لنظره.
وقد حددت بعض الدساتير واللوائح الداخلية للمجالس النيابية جلسة كاملة لنوع معين من الأسئلة كما حددت وقتاً من جلسات البرلمان بالنسبة لنوع آخر من الأسئلة.. ومثالها: الدستور الفرنسي للجمهورية الخامسة التي تم تعديله في أغسطس عام 1995 حيث نصت المادة (48/ف2) منه على أن: (( تخصص جلسة أسبوعية على الأقل لأسئلة أعضاء البرلمان وأجوبة الحكومة عليها ))، وتطبيقاً لذلك تم تخصيص جلسة يوم الجمعة من كل أسبوع للرد على الأسئلة الشفوية مع أو بدون مناقشة.. وقد سار الدستور المغربي في نفس الاتجاه فنص في الفصل (56) فيه على أن: (( تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلس البرلمان وأجوبة الحكومة.. ويجب أن تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوماً التالية لإحالة السؤال إليها.. ))(46) .
ويستفاد من مضابط جلسات المجلس الوطني الاتحادي وجود ظاهرة تخلف الوزراء عن الجلسات المحددة لمناقشة الأسئلة الموجهة إليهم، ورفض المجلس مناقشة موضوعات الأسئلة المدرجة على جدول أعمال الجلسة المحددة لذلك لحضور وكلاء الوزارات دون حضور الوزراء المختصين.. ، وأن رئيس المجلس كان في بعض الحالات يبدي أسفه لعدم حضور ممثل الحكومة، ويوجه رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء في شأن مستوى تمثيل مجلس الوزراء في اجتماعات المجلس الوطني الاتحادي وبخاصة جلسات مناقشة الأسئلة إعمالاً لنص المادة (93) من الدستور الاتحادي..(47) .
ثانياً: مواعيد الردّ على السؤال :
تختلف مواعيد الردّ على السؤال باختلاف طبيعة النظام الدستوري والحاجات العملية التي يتوخاها.. كما تختلف المدة المخصصة للرد على السؤال باختلاف نوع الأسئلة المكتوبة والشفوية طبقاً لدساتير الدول المعنية واللوائح الداخلية للمجالس النيابية فيها.
ففي فرنسا: حددت اللائحة الداخلية لمجلس الشيوخ مدة شهر للردّ على السؤال ، ويمكن للوزير الموجه إليه السؤال أن يطالب بمهلة إضافية استثنائية لتجميع عناصر إجابته بحيث لا تزيد عن شهر، وبذلك تكون المدة شهرين، وهي مدة تعتبر طويلة نسبياً للرد على سؤال العضو..(48) .
وفي مصر : حددت اللائحة الداخلية لمجلس الشعب في المادة (244) مدة الردّ على السؤال البرلماني فنصت على أن: (( يرسل الوزير الإجابة إلى رئيس المجلس خلال أسبوعين لتبليغها إلى مقدم السؤال، وللوزير أن يخطر رئيس المجلس بتأجيل إجابته لمدة لا تتجاوز شهراً .. )).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة: نصت المادة (93) من الدستور الاتحادي على أن: (( يجيب رئيس مجلس الوزراء أو نائبه أو الوزير المختص على الأسئلة التي يوجهها إليهم أي عضو من أعضاء المجلس للاستفسار عن الأمور الداخلة في اختصاصهم وذلك وفقاً للإجراءات في اللائحة الداخلية للمجلس.. )) وقد ردّدت اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي نفس المبدأ في المادة (109) التي نصت على أن: (( يجيب رئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص على السؤال في الجلسة المحددة لنظره، ولرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص طلب تأجيل الإجابة إلى موعد لا يزيد على أسبوعين فيجاب إلى طلبه، ولا يكون التأجيل لأكثر من هذه المدة إلا بقرار من المجلس )).
ويستفاد من هذا النص أن المدة الزمنية اللازمة للرد على سؤال عضو المجلس الوطني الاتحادي يجب ألا تتعدى أسبوعين، ولكن يجوز تأجيل الإجابة أكثر من ذلك بموافقة المجلس.. وأن الأصل في تقديم الأسئلة والإجابة عنها شفوياً خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين بموجب المادة المشار إليها حيث لم يرد في هذه المادة أي ذكر للإجابة المكتوبة إلا في حالة غياب العضو السائل عن الجلسة المحددة للإجابة أو بموجب موافقته، حيث يجوز في هاتين الحالتين أن تودع الإجابات أو البيانات المطلوبة لدى الأمانة العامة للمجلس لاطلاع الأعضاء عليها ويثبت ذلك في مضبطة جلسة المجلس..
وتختلف مدة الردّ على السؤال بين السؤال المكتوب والسؤال الشفوي.. إذ تدلنا الأعراف والتقاليد البرلمانية على أن التفرقة بين مواعيد الرد في حالتي – الرد شفوياً والرد كتابياً – ترجع إلى أن الأسئلة المكتوبة تتطلب إجراءاتها وقتاً يزيد على الوقت المحدد للأسئلة ذات الإجابات الشفوية وبخاصة إذا كان الغرض من السؤال مجرد الحصول على بيانات ومعلومات إحصائية بحتة، ولو توحدت مواعيد النوعيين من الأسئلة – الأسئلة الشفوية والكتابية – للجأ أعضاء المجالس النيابية إلى الأسئلة المكتوبة..(49) .
والحكمة من الإجراء الخاص بتحديد أجل لإجابة الوزير الموجه إليه السؤال المكتوب هي أنه يحقق هدفين معاً: يتمثل الهدف الأول: في منح الوزير الموجه إليه السؤال الوقت الكافي للحصول على المعلومات الضرورية وتقييمها وبيان رأيه فيها.. ويتمثل الهدف الثاني: في حصول العضو السائل على الإجابة الوافية في وقت كافٍ.
ثالثاً: توجيه الأسئلة في الحالات التي يغيب فيها المجلس النيابي:
يُقصد بهذا الوضع الأسئلة البرلمانية التي يقدمها بعض أعضاء المجالس النيابية والموجهة إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء ويتعذر الرد عليها بسبب انتهاء دورة انعقاد المجلس النيابي التي قدمت الأسئلة خلالها..
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة عالجت المادة (114) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي هذا الوضع بالنص على أن: (( يكون الرد على الأسئلة التي توجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء (فيما بين أدوار الانعقاد) كتابة إلى رئيس المجلس فيبلغها إلى الأعضاء الذين وجهوها، ولا تتقيد الإجابة على هذه الأسئلة بالمواعيد المقررة في المواد السابقة، وتدرج في جدول أعمال أول جلسة تالية للمجلس ))(50) .
ويستفاد من هذا النص أن تقديم الأسئلة من بعض أعضاء المجلس قبل انتهاء دورته أو أثناء عطلته يترتب عليه الاحتفاظ بهذه الأسئلة ليصار إلى تبليغها إلى الوزراء المختصين عند انعقاد المجلس في دورته التي تلي عطلته، وذلك لأن الإجراءات القانونية الخاصة بتقديم السؤال تشكل التقديم والتبليغ والإدراج في جدول أعمال المجلس وهي إجراءات متلازمة لا يتم إنجازها إلا في حالة انعقاد المجلس.
ويندرج ضمن حالات غياب المجلس الوطني حالة تأجيل اجتماعاته حيث أجازت المادة (88) من الدستور الاتحادي تأجيل اجتماعات المجلس بمرسوم يصدره رئيس الاتحاد بموافقة مجلس الوزراء مدة لا تجاوز شهراً واحداً وأن لا يتكرر ذلك في الدورة الواحدة إلا بموافقة المجلس الوطني ومرة واحدة فقط، فهي لا تحسب ضمن مدة الدورة العادية ولا تتأثر مدتها بانقضائها، ويستأنف المجلس اجتماعاته مباشرة بعد انتهاء مدة التأجيل(51) .
وفي اعتقادنا أن النصوص القانونية الخاصة بإجراءات تقديم السؤال البرلماني يُفترض أن تطبق في حالات انعقاد المجلس لتحقيق الهدف من السؤال كوسيلة رقابية، ذلك أن هذا الهدف لا يتحقق إلا إذا انتهى إلى إجابة الوزير الموجه إليه السؤال عنه.. وأن احتفاظ المجلس بالأسئلة المقدمة إليه والتي يتعذر الإجابة عنها في الدورة التي قدمت فيها ليتم إبلاغها للوزراء المختصين عند انعقاد الدورة التي تلي العطلة لاستكمال إجراءاتها القانونية وتحقيق الهدف منها، كل ذلك لا يتفق مع النصوص التي تحكم إجراءات تقديم السؤال البرلماني.. ذلك أن الكثير من الأسئلة التي تقدم في دورة انعقاد المجلس الأولى قد يتم الرد عليها من قبل الوزراء المختصين في الدورة الثانية بسبب انتهاء الدورة الأولى دون تمكن الوزراء من الردّ عليها..
رابعاً: سقوط السؤال أو التنازل عنه:
قد يقدم السؤال البرلماني وفق إجراءات تقديمه بعد توفر شروط قبوله، وقبل أن يتم مناقشته يعترضه سبب أو عارض يحول دون إحداث أثره، وينتهي بالتالي تتابع إجراءاته إذا كانت غير مكتملة، ويحول بالتالي دون وصوله إلى غايته أو الإجابة عنه.. وأهم هذه المعوقات التي تحول دون إكمال إجراءات تقديم السؤال: سقوط السؤال، والتنازل عن السؤال بسحبه أو استرداده..
أ - سقوط السؤال : أجملت المادة (115) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي أسباب سقوط السؤال بالنص على أن: (( يسقط السؤال بانتهاء عضوية مقدمه لأي سبب من الأسباب ما لم يتبّنَ السؤال احد أعضاء المجلس فيتابع المجلس النظر فيه.. )).
ويستفاد من هذا النص أن هناك ثلاث حالات لسقوط السؤال البرلماني هي: انتهاء عضوية العضو السائل لأي سبب من الأسباب المحددة في الدستور والتي تشمل: انتهاء فترة ولايته وهي سنتان أو بالاستقالة أو الوفاة.. وحالة زوال صفة الوزير الموجه إليه السؤال.. وحالة انتهاء الفصل التشريعي للمجلس..
أما انتهاء دورة الانعقاد فلا يسقط السؤال، إذ يجوز توجيه الأسئلة فيما بين أدوار الانعقاد حيث يبعث لمن وجه إليه السؤال بالرد عليه كتابة إلى رئيس المجلس الذي يبلغه إلى العضو الذي وجهه ولا تتقيد الإجابة عن هذه الأسئلة بالمواعيد المقررة في اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي.
كما أن غياب عضو المجلس الذي وجه السؤال عن الجلسة المحددة للإجابة لا يؤدي إلى سقوط السؤال بل يقوم الوزير الموجه إليه السؤال بإيداع الإجابة في الأمانة العامة للمجلس لاطلاع العضو السائل عليها ويثبت ذلك في مضبطة الجلسة، كما يجوز إيداع الإجابة لدى الأمانة العامة للمجلس إذا وافق موجه السؤال على ذلك بموجب المادة (109) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي.
ب - التنازل عن السؤال: يُعد حق العضو السائل في التنازل عن السؤال حقاً دستورياً يعكس الجانب الشخصي له، وهو تنازل صريح يتم من خلال استرداد أو سحب السؤال.. ويعتبر التنازل عن السؤال بمثابة تنازل ضمني يطلق عليه ترك السؤال..(52).
وإذا استرد العضو السائل سؤاله ما لم يتبنَّ السؤال عضوٌ آخر فيستمر المجلس عندئذٍ بنظره بموجب المادة (113) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي والتي نصت على انه: (( إذا استرد السائل سؤاله حق لأي عضو أن يتبناه، وفي هذه الحالة يتابع المجلس النظر فيه وإلا استبعدت مناقشته.. )) وبموجب هذا النص يجوز لعضو المجلس الوطني الاتحادي أن يسترد سؤاله بعد أن يقدم طلباً بذلك، وعندئذٍ تستبعد مناقشته إلا إذا تبناه عضو آخر، عندها يتابع المجلس النظر فيه..
ويرى بعض الفقهاء أن التنازل عن السؤال – سواء باسترداده أو تركه – يترتب عليه أن يُحظر على العضو السائل التقدم بذات السؤال مرة أخرى، سواء بصفة مطلقة أو لمدة زمنية محددة كجزاء على ترك سؤاله أو إهماله، وإنما يكون له الحق في إعادة تقديمه متبعاً من جديد الإجراءات اللازمة لتقديمه ومناقشته..(53) .
الفصل الرابع : إجابة أو عدم إجابة الوزير عن السؤال البرلماني
أولاً: إجابة الوزير عن السؤال :
قد يكون السؤال موجهاً من عضو المجلس النيابي إلى رئيس مجلس الوزراء، وفي هذه الحالة استقر العمل البرلماني على وجوب أن يكون موضوع السؤال متعلقاً بالأمور والمسائل التي تدخل في نطاق الاختصاص الذي حدده الدستور لرئيس مجلس الوزراء وهي تلك المتعلقة فقط بالسياسة العامة للحكومة دون التي تختص بها أية وزارة من وزارات الحكومة على حدة، ومن ثم لا يلزم بالإجابة إلا عن الأسئلة البرلمانية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة دون غيرها..(54) إلا أنه لا يجوز توجيه السؤال إلى غير رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء ولو كانوا في درجة وزير أو درجة أعلى منها مثل المحافظين أو رؤساء الجامعات أو رؤساء الهيئات العامة..(55) .
وتختلف صيغ الإجابات عن الأسئلة البرلمانية بحسب الصيغة التي تقدم بها السؤال البرلماني والتي تختلف باختلاف نظام الأسئلة المتبعة في كل دولة.
ففي انجلترا: إذا رغب العضو السائل في الحصول على إجابة شفوية كان عليه وضع علامة مميزة (نجمة مثلاً) على النموذج الخاص بالأسئلة وذلك قبل يومين من التاريخ الذي يرغب أن تتم الإجابة فيه.. ويحق للوزير أن يجيب عن الأسئلة المقدمة إليه خلال ثلاثين يوماً كتابة أو شفوياً ما لم يكن النائب قد طلب الحصول على إجابة شفوية..(56) .
وفي فرنسا: يتم تحديد نوع إجابة الوزير على السؤال بنفس الأسلوب الذي تقدم به الأسئلة، فإذا كان السؤال مكتوباً كانت الإجابة مكتوبة، وإذا كان السؤال شفوياً كانت الإجابة شفوية ، ويمكن للعضو السائل تحويل سؤاله إلى شفوي ويحصل بذلك على إجابة شفوية.. كما أجاز النظام الداخلي للجمعية الوطنية للوزراء الموجهة إليهم الأسئلة المكتوبة أن يبلغوا الجمعية الوطنية بأن المصلحة العامة لا تسمح لهم بالإجابة، وأن يطلبوا كذلك منها مهلة إضافية لإعداد الردّ الكتابي خلال المدة المحددة، ويمكن لمقدم السؤال أن يأخذ رأي رئيس الجمعية في تحويل السؤال المكتوب إلى سؤال شفوي، وإذا رفض مقدم السؤال ذلك فإن الوزير المختص يمنح مهلة إضافية أخرى مدتها شهر آخر..(57) .
وفي مصر: تتم الإجابة عن الأسئلة البرلمانية شفوياً ومن حق العضو السائل في اختيار الإجابة كتابياً.. إلا أنّ اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري توجب الأسلوب الكتابي في الإجابة عن الأسئلة إذا كان الغرض من السؤال الحصول على معلومات إحصائية أو إذا كان للسؤال صفة محلية.. حيث نصت المادة (245) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب على أن: (( الأسئلة التي يكون الغرض منها مجرد الحصول على بيانات أو معلومات إحصائية تكون الإجابة عنها كتابة .. )) كما نصت المادة (244) من نفس اللائحة على أنه: (( يجوز للعضو أن يقدم السؤال ويطلب الإجابة عنه كتابة، وفي هذه الحالة يرسل الوزير الإجابة إلى رئيس المجلس بتأجيل إجابته لمدة لا تتجاوز شهراً وتنشر هذه الأسئلة والأجوبة عنها بملحق مضبطة الجلسة، كما يجوز للجنة الدائمة للمجلس بناء على طلب مكتب المجلس أن توصي بأن تكون الإجابة عن السؤال شفاهاً إذا كان السؤال ذا صفة عاجلة بحتة.. )).
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة: لم تشر اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي لوجود الأسئلة الشفوية إلا في حالة مناقشة الميزانية أو عند طرح موضوع معين على المجلس، فيحق لأعضاء المجلس في هذه الحالة توجيه الأسئلة شفاهاً للوزراء، وجرى التطبيق على أن يجيب الوزراء كتابة عن أسئلة الأعضاء بحيث يعطى وقت لتعقيب الأعضاء على إجابات الوزراء.. ، وهذا ما نصت عليه المادة (112) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني بأن : (( لا تطبق الإجراءات السابقة الخاصة بالأسئلة على ما يوجه إلى رئيس الوزراء أو الوزراء أثناء مناقشة الميزانية أو أي موضوع مطروح على المجلس، وإنما يكون للأعضاء أن يوجهوها في الجلسة شفوياً )).
والأصل عدم فرض طريقة محددة لإجابة الوزير عن السؤال دون مشيئة العضو السائل، فإذا جاء السؤال الموجه إلى الوزير المسؤول دون بيان ذلك فللمسئول أن يجيب عن السؤال شفاهاً طالما لم يطلب منه الإجابة بخلاف ذلك، أو يجيب عن السؤال بالكتابة إذا كان السؤال لا تتاح معه الإجابة شفاهاً.. وللمسؤول الحق في اختيار الأسلوب المناسب في إجابته الشفهية سواء كان من الذاكرة أو من خلال أوراق مكتوبة دون قيد عليه بوجوب اتباع أسلوب معين في تلك الإجابة..(58) .
كما أن الوزير الموجه إليه السؤال غير ملزم بتقديم المستندات والبيانات التي يطلبها عضو المجلس النيابي في سؤاله الموجه للوزير ضمن السؤال إلا إذا رأى أن إجابته عن السؤال لا تكتمل بدونها لما ينطوي على إلزامه بذلك من معنى عدم الثقة في إجابة السؤال ويحيد بالسؤال عن غرضه الأساسي المنصبّ على استفسار أو استفهام عن أمر من الأمور من المسؤول.. ذلك أن تحقيق مقصد العضو السائل من السؤال – وهو ابتغاء المصلحة العامة – لا يتم إلا باستيثاق موجه السؤال من تصديق مطابقة الإجابة للواقع، ولا يتأتى هذا التصديق أو إجلاء الإبهام فيه إلا بدليل من بيانات أو مستندات هي بطبيعتها بالضرورة وبحكم اللزوم من المعوقات الأساسية للسؤال، فضلاً عن أنه لا يوجد قيد دستوري أو قانوني أو سند مقبول يمنع العضو السائل من طلبها..(59) .
ويترتب على إجابة الوزير عن السؤال كتابة إبلاغ العضو مقدم السؤال بالرد حال وصوله للأمانة العامة للمجلس.. وفي الجلسة المحددة يتلو الأمين العام للمجلس الردّ الكتابي وللعضو حق التعقيب على ما جاء في الرد، وفي حالة عدم اكتفائه يحق للعضو السائل طلب حضور الوزير للرد شخصياً، وفي هذه الحالة يؤجل السؤال ليناقش في جلسة قادمة لتتخذ نفس الإجراءات السابقة في إبلاغ الوزير.. وفي حال طلب الوزير تأجيل الرد على السؤال فله ذلك على إلا تزيد مدة التأجيل على أسبوعين إلا بقرار من المجلس، ومن حق العضو السائل التعقيب على ذلك.. وبالرغم من أن السؤال ينتهي بالإجابة عنه فإنه يجوز للمجلس – بناء على اقتراح من العضو مقدم السؤال – رفع توصية إلى مجلس الوزراء يطالب فيها الحكومة باتخاذ ما يلزم بشأن ما تضمنه ذلك السؤال عن ضوء ردّ الوزير..(60) .
ويُلاحظ من خلال استعراض مضابط بعض جلسات المجلس الوطني الاتحادي التي قدمت فيها أسئلة أنّ بعض الوزراء الموجه إليهم السؤال لم يحضروا الجلسة التي يتم فيها طرح السؤال ولم يرد منهم رد كتابي على السؤال مما يؤدي إلى موافقة المجلس على تأجيل مناقشة الأسئلة إلى جلسة قادمة.. وأن بعض الوزراء كانوا يكتفون بالرد كتابة على أسئلة واستفسارات الأعضاء دون الحضور إلى المجلس برغم أن الدستور واللائحة الداخلية للمجلس توجب حضور رئيس مجلس الوزراء أو من ينوب عنه والوزراء جلسات المجلس.. وأن ذلك كان يؤدي إلى تعقيب بعض أعضاء المجلس على عدم رد الحكومة على الأسئلة بالقول: إن ذلك يُضعف علاقة الحكومة بالمجلس الوطني الاتحادي ، وأنه يتعين تكريس التعاون الدائم بين السلطتين..(61) .
وللوزير أن يرد على السؤال شفاهاً في حالة حضوره الجلسة ثم يعطي الرئيس الكلمة للعضو مقدم السؤال بعدها للتعقيب وله الحق في التعقيب بإيجاز مرتين، مرة على ردّ الوزير والأخرى على تعقيب الوزير وينتهي بذلك السؤال.. وهذا هو المقصود بعبارة (لمقدم السؤال دون غيره) حق التعقيب على الإجابة الواردة في المادة (110) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي ونصها: (( لمقدم السؤال دون غيره من الأعضاء حق التعقيب على الإجابة ويكون التعقيب موجزاً ولمرتين .. )) ويُفهم من هذا النص أن التعقيب يقتصر على مجرد إفصاح العضو السائل عن رأيه في الإجابة وبدون أن يتضمن التعقيب أية أسئلة أو طلبات أضافية أخرى بما يعني أن نهاية السؤال البرلماني تكون أما بعدم التعقيب عليه من العضو السائل أصلاً أو بمجرد التعقيب لمرتين على إجابته بحيث لا يلتزم رئيس مجلس الوزراء أو الوزير بالرد مرة أخرى على الأسئلة أو الطلبات الإضافية التي يتضمنها التعقيب، أو أن حق العضو في التعقيب مرتين على الإجابة يمكن أن يتضمن طرح أسئلة أو طلبات إضافية أخرى يجب على رئيس مجلس الوزراء أو الوزير الرد عليها، وكذلك ما يليها من الأسئلة أو طلبات إضافية يتضمنها التعقيب على الردود، وهكذا تكون نهاية السؤال البرلماني الأول الأصلي..(62) .
بيد أن الممارسة العلمية في هذا المجال تدل على وجود تجاوزات في هذا الشأن، إذ إن كلمة (موجزاً) الواردة في المادة (110) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي مطاطة ولا يتحمل توقيتاً معيناً حيث يتم أحياناً استغلال ذلك ويتحول التعقيب إلى جدل واستعراض معلومات وإظهار مواقف سابقة على موضوع السؤال.. ويخشى في ظل عدم وجود ضابط للوقت الذي يستغرقه الرد أن يتحول التعقيب على أجوبة الوزير المسئول إلى ما يشبه عملية المحاسبة على سياسات معينة..
وقد ثار التساؤل في الفقه الدستوري حول إمكانية توجيه السؤال البرلماني إلى الوزير البديل عند استقالة الوزير الموجه إليه السؤال أو تغيير موقعه الوزاري، وهل تكون الإجابة في هذه الحالة متفقة مع إجابة الوزير المقررة في الدستور واللوائح الداخلية للمجالس النيابية؟.
وقد توزعت الإجابة على هذا التساؤل بين اتجاهيين: اتجاه يرى أنه لا يجوز توجيه السؤال إلى الوزير البديل إلا إذا قام بتبني ذلك العمل الذي بدأه الوزير السابق أو إذا لم يصحح أخطاء الوزير السابق.. والحجة في ذلك أن السؤال مرتبط بشخص وصفة الوزير، وأن زوال صفة الوزير تسقط السؤال وذلك استناداً إلى النصوص القانونية التي تقضي بسقوط السؤال إذا زالت صفة من تقدم به أو من وجه إليه أو بانتهاء دورة انعقاد المجلس النيابي.. وأن زوال الصفة لا يعني زوال المسؤولية وإنما يحق لكل ذي مصلحة أن يلاحق هذا المسؤول أمام القضاء عن أي تقصير إداري جسيم..(63) ، أما الاتجاه الثاني: فيرى أنه في حالة زوال صفة الوزير الموجه إليه السؤال بالاستقالة أو بتغيير موقعه الوزاري يمكن توجيه السؤال إلى رئيس مجلس الوزراء لمسؤوليته عن الإشراف العام على تنفيذ الوزارة للسياسة العامة للدولة وطبقاً لقاعدة التضامن الوزاري التي أكدها المشرع الدستوري..(64) ، أما بالنسبة للوزير البديل فيرى أنصار هذا الاتجاه إمكان توجيه السؤال إليه في حالات معينة هي: انتهاجه النهج الذي اتبعه الوزير السابق أو مرور فترة معقولة تتيح له تدارك الأمور محل السؤال وتصحيح الأوضاع محل السؤال، وذلك لأن موضوع السؤال ينصب أساساً على تأدية الوزراء لوظائفهم وهذه لا يتغير وصفها، سواء كان الوزير عاملاً أو غير عامل (الوزير المستقيل) ذلك أن العبرة في تحديد ذلك أن يكون موضوع السؤال الموجه إليه حول تأدية وظيفته..(65) .
والأصل أن نتيجة السؤال البرلماني الإجابة المقنعة للعضو السائل.. إلا أن السؤال قد ينتهي إلى توصية من المجلس النيابي حول موضوع السؤال.. ومن تطبيقات ذلك توجيه سؤال من أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء حول (النشيد الوطني)، وإجابة الوزير عن السؤال بأن النشيد لم يتم اعتماده حتى الآن وأنه لم يتفق على كلمات هذا النشيد حتى الآن وأن النشيد الموجود في التربية والتعليم عبارة عن أبيات شعر تنشد أثناء عزف السلام الوطني في طابور الصباح، وقد استمر ذلك عرفاً وليس قانوناً.. ولا مانع من صدور النشيد الوطني عندما تتم الموافقة عليه، ولا مانع من أن يوصي المجلس الوطني بذلك.. وكانت نتيجة ذلك أن اصدر المجلس توجيهاً بضرورة الإسراع في إعداد إصدار النشيد الوطني للدولة أو اعتماد النشيد الذي أقرته وزارة التربية والتعليم كتحية للعلم..(66) ، كما قد ينتهي السؤال بطلب العضو السائل تحويل السؤال إلى موضوع عام للمناقشة إذا تم تبنيه من قبل عدد من أعضاء المجلس وفق أحكام اللائحة الداخلية للمجلس.. ومن تطبيقات ذلك طلب أحد أعضاء المجلس تحويل سؤاله الموجه لوزيرة الاقتصاد حول حماية المستهلك من زيادة الأسعار إلى موضوع عام لمناقشة سياسة الوزارة حول ظاهرة الغلاء في الدولة..(67) .
المطلب الثاني : عدم إجابة الوزير عن السؤال البرلماني
إذا كان الأصل التزام الوزير الموجه إليه السؤال الإجابة عنه فإنه بالمقابل لا يلزم بالإجابة عن السؤال الموجه إليه، ولكن ماذا لو رفض الوزير الإجابة عن السؤال؟ وإذا رفض الإجابة عن السؤال هل يجب أن يبدي سبباً أو أسباباً حالت دون إجابته عن سؤال عضو المجلس النيابي؟.
يرى بعض الفقهاء أن الوزير هو الرئيس السياسي والإداري لوزارته والمتحدث باسمها، وهو وحده الذي يقرر إن كان سيجيب عن السؤال أم لا، وأنه ليس هناك التزام على الوزير بالإجابة وأنه لا يمكن لعضو البرلمان الإصرار على الإجابة لأنه لن يجد مساعدة من رئيس المجلس..(68) .
وهناك اتجاه ثان يرى أن حق السؤال من الحقوق الأساسية للنائب في النظام البرلماني، وأنه لهذا يجب على الوزير الإجابة عن السؤال.. ويستند أنصار هذا الرأي إلى أن نظرية المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان - وهي إحدى دعامات النظام البرلماني - لن تتحقق ما لم يمارس البرلمان سلطته في السؤال ويحترم الوزراء تلك السلطة فيسارعون إلى المثول أمام البرلمان للإجابة عن أسئلة النواب كلما طلبوا أو رأوا ذلك ضرورياً.. ووظيفة البرلمان في الأساس هي توفير الفرصة للحكومة لشرح سياستها والدفاع عنها عن طريق الإجابة عن أسئلة النواب، كما أن التزام الوزراء بالإجابة عن أسئلة النواب يوفر المناخ الذي تتظافر فيه كل الجهود من أجل الصالح العام..(69) .
وتتعدد وتتنوع الأسباب التي يبديها الوزراء لتبرير عدم ردهم على بعض الأسئلة استناداً إلى بعض نصوص اللوائح الداخلية للمجالس النيابية أو التقاليد البرلمانية، كالاعتذار عن الإجابة لمقتضيات المصلحة العامة، أو عدم اختصاص الوزير الموجه إليه السؤال، أو ارتباط السؤال بمسائل خاصة بالدفاع أو بمسار مفاوضات تجريها الحكومة بشأن مسائل حساسة ودقيقة سياسة أو مالية أو تتعلق بالأمن العام أو الأسرار الوظيفية تتطلب عدم الإفصاح عنها أو مناقشتها بشكل علني، أو تعلق السؤال بموضوع منظور أمام القضاء، حيث تكون إجابة الوزير المختص بشأنها إجابة تنطوي على إعطاء خطوط عامة دون التصريح بتفاصيلها أو أسرارها.. ونعرض فيما يلي أهم هذه الحالات:
أولاً: الاعتذار عن الإجابة لمقتضيات المصلحة العامة:
تعتبر المصلحة العامة سبباً رئيسياً مبرراً للوزير لرفض الإجابة عن السؤال البرلماني، وهذا ما نصت عليه المادة (107/ف2) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي باستخدام عبارة (( ألا يتضمن السؤال عبارات.. تضر بالمصلحة العليا للبلاد.. )) ، ويستفاد من هذا النص أنه يجب ألا يكون توجيه السؤال مضراً بالمصلحة العامة أو مخالفاً لأحكام الدستور أو يشير إلى ما ينشر في الصحف.. وهذه الضوابط المتعلقة بالمصلحة العامة مستوحاة من الأعراف الدستورية والتقاليد البرلمانية في بريطانيا، فقد استقر العمل على تقريرها وتطبيقها في ممارسة الرقابة البرلمانية في مجلس العموم واللوردات البريطاني.. فقد جرى التقليد لديهما على عدم قبول أية أسئلة ينطوي توجيهها إلى الوزراء على ما يضر بالمصلحة العامة وكذلك عدم قبول الأسئلة الخاصة بسيادة الدولة أو الأسرة المالكة..(70) .
ومن تطبيقات الأسئلة البرلمانية التي تتضمن موضوعات فيها مساس بالمصلحة العامة وبالتالي تبرر امتناع الوزير من الإجابة عنها: توجيه سؤال إلى وزير الدفاع بطلب تزويد عضو البرلمان ببيان إحصائي عن عدد المجندين الذين التحقوا بالخدمة بعد العمل بقانون الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، إذ إن موضوع هذا السؤال يتناول معلومات عسكرية لها طابع السرية، والإجابة عنها قد يكشف عن القوة التي يتكون منها الجيش وحجم تنظيماته وتشكيلاته العامة ويعتبر البوح بها أو إعلانها أو إفشاؤها بأي طريق من طرق النشر أو تداول بياناتها في مناقشة عامة مخالفة أمنية عسكرية جسيمة وفقاً لأحكام قانون الخدمة العسكرية، الأمر الذي يجيز للوزير الموجه إليه السؤال - وهو وزير الدفاع - رفض الإجابة عن السؤال..(71) .
ثانياً: الامتناع عن الإجابة لعدم اختصاص الوزير الموجه إليه السؤال:
قد يرفض الوزير الإجابة عن بعض الأسئلة بحجة أن موضوع السؤال لا يدخل ضمن الواجبات الدستورية للوزير..
ومن التطبيقات العلمية لهذه الحالة أن يكون موضوع السؤال متعلقاً بمقالات نشرت في الصحف، كأن يطلب العضو السائل من أحد الوزراء الرد على مقال نشر في إحدى الصحف المحلية يتعلق بشؤون وزارة الوزير، ورد الوزير بالاعتذار عن ذلك لأنه ليس من واجبه كرئيس لجهاز تنفيذي التصدي للرد على كل ما ينشر في الصحف من مقالات أو تحقيقات صحفية..
وكذلك الأسئلة التي يكون مضمونها الاستفسار عن مسائل معروضة على القضاء، أو متصلة بإجراءات العمل أمام المحاكم.. ذلك أن الأعراف والسوابق البرلمانية قد استقرت على أن لا يمس السؤال البرلماني بأمر معلق أمام القضاء بحيث يمتنع أن يدور في أي موضوع يرفع إلى القضاء أي من الوسائل الرقابية البرلمانية - ومنها السؤال - حرصاً على استقلال القضاء من ناحية، ضماناً لحريات الأفراد من ناحية أخرى، ذلك لأن السلطة القضائية سلطة مستقلة طبقاً لنصوص الدستور، فالقضاة مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير ضمائرهم والقانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة..(72) .
وإذا وجه أعضاء البرلمان أسئلة تتعلق بالأحكام القضائية والمسائل الخاصة المتعلقة بها، يكون من حق الحكومة رفض تلك الأسئلة وذلك لعدم اختصاصها.. ذلك لأن الرقابة البرلمانية لا تعني تدخل سلطة من السلطات الثلاث في شؤون سلطة أخرى، وترتيباً على ذلك لا يجوز إخضاع الموضوعات المرتبطة بتحقيقات أو قضايا منظورة أمام القضاء للسؤال إلا إذا انحصر موضوع الدعوى القضائية في تحديد المسؤوليات للعاملين في الجهات الإدارية التابعة للوزير عندما يتطرق أعضاء المجلس النيابي في مناقشاتهم للقصور أو الخلل في أداء المرفق العام لمهامه المنوطة به..(73) .
وبالرغم من عدم النص صراحة على هذه الحالة في اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي إلا أنه يمكن استخلاصه من المبدأ الدستوري الذي يحظر تدخل أي جهة في القضاء والوارد في نص المادة (94) من الدستور الاتحادي التي تقضي بأن: (( العدل أساس الملك والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في أداء واجبهم لغير القانون وضمائرهم .. )).
كما أن من تطبيقات هذه الحالة الأسئلة التي يدخل موضوعها ضمن الاختصاصات الدستورية للسلطات العامة الأخرى - غير السلطة القضائية - كالسلطتين التشريعية والتنفيذية، إذ لا يجوز أن تكون اختصاصاتها محلاً للسؤال البرلماني حتى وإن كان القصد من السؤال الاستفهام عن واقعة أو طلب بيانات خاصة بعملها.. كأن يطلب أحد أعضاء البرلمان معرفة الأسباب التي دعت أغلبية أعضاء البرلمان لتقديم طلب عقد دورة للبرلمان وذلك احتراماً من الحكومة لمبدأ الاستقلال الداخلي للبرلمان، أو أن يكون السؤال متعلقاً بالأسباب التي دفعت الحكومة إلى انضمامها إلى معاهد معينة.. أو أن يكون موضوع السؤال الاختصاصات التي حددها الدستور لرئيس الدولة والتي يباشرها بصورة منفردة، إذ إن مثل هذه الاختصاصات لا يمكن أن تكون موضعاً للمساءلة السياسية ومن ثم لا تصلح أن تكون محلاً لأي سؤال برلماني.. وعلى سبيل المثال استخدام رئيس الدولة حق العفو الخاص أو تخفيف العقوبة أو المصادقة على أحكام الإعدام المقررة بموجب المادة (54/ف1) من الدستور الاتحادي.. وكل هذه الاختصاصات اعتبر رئيس الدولة مستبعداً من الرقابة السياسية أو الخضوع لأي نقاش ينشأ من جراء عفوه الخاص عن من أدينوا من قبل السلطة القضائية، وبالتالي يحظر أن تكون هذه الاختصاصات محلاً للسؤال البرلماني.. ففي جميع هذه الحالات يمكن أن تجيب الحكومة بعدم اختصاصها.
ثالثاً: الامتناع عن الإجابة عن الأسئلة لصعوبتها واستحالتها أحياناً:
من الأسباب التي تدعو الوزير الموجه إليه السؤال الامتناع عن الإجابة أن تكون المعلومات أو البيانات المطلوبة من الوزير ضخمة جداً إلى درجة لا يمكن تجميعها، أو أنه من المستحيل تقديم المعلومات التي يطلبها عضو البرلمان بحيث يصعب على الوزير الإجابة عن السؤال.. ومن تطبيقات ذلك تقديم أسئلة تتضمن طلب معلومات تفصيلية عن أسماء عدد كبير من القيادات الإدارية في أجهزة الدولة وتاريخيهم الوظيفي وروابط القربى والنسب بينهم ومؤهلاتهم، وهي معلومات تخرج عن مفهوم السؤال والهدف منه – كوسيلة رقابية برلمانية – وأن بإمكان العضو السائل الاطلاع عليها، فضلاً عن أن بعض هذه الأسئلة ليس بمقدور أي دائرة الإجابة عنها لما يتطلبه ذلك من جهد ووقت، وأنه لو تمت الإجابة عنها فإن تلاوة أجوبتها من قبل الوزراء المختصين يستنفذ وقت المجلس المخصص للأسئلة ويحول دون بحث ومناقشة أسئلة أخرى..
كما أن من تطبيقات ذلك تقدم عضو البرلمان بمجموعة من الأسئلة حول موضوع واحد، الأمر الذي يتطلب إجابة موسعة تتضمن معلومات متعددة ومتشعبة وموثقة حول محاضر الردود أمراً مرهقاً.. أو تقدم عضو البرلمان بسؤال لأحد الوزراء حول أحد المشاريع التي تنفذها وزارته يتضمن عدداً كبيراً من الأسئلة الفرعية حول جوانب متعددة للمشروع، حيث يمكن أن تتضمن إجابة الوزير معلومات وإحصائيات وبيانات ووثائق وعقود ومحاضر اجتماعات مجالس إدارة الشركة التي تدير المشروع وأسماء أعضاء هذا المجلس، حيث تشمل هذه الإجابة الواسعة عدة صفحات مما يحول دون تلاوة الإجابة بسبب حجمها وإحالتها ومرفقاتها إلى الأمانة العامة للبرلمان..
ويندرج ضمن هذه التطبيقات ما جرى عليه العرف الدستوري والتقليد البرلماني من أنه لا يجوز لأعضاء البرلمان توجيه أسئلة للوزراء تتضمن طلب معلومات أو بيانات غير متاح الحصول عليها (not available) أو أنه يمكن الحصول عليها بكلفة باهظة، وقد اعتاد الوزراء على أن يرفضوا الإجابة عن مثل هذه الأسئلة..(74) .
الفصل الخامس : معوقات السؤال البرلماني
ترجع المعوقات الخاصة بالرقابة البرلمانية عن طريق الأسئلة في مجملها إلى عدة أسباب أهمها: إحجام بعض أعضاء البرلمان عن استعمال حقهم في السؤال أو استعماله بشكل محدود، وكذلك إحجام بعض الوزراء عن تقديم المعلومات والوثائق عند ردهم على السؤال، وعدم التزام بعض أعضاء البرلمان بالأحكام القانونية الخاصة بتوجيه الأسئلة للحكومة أو الوزراء في موضوعات معينة من جهة وعدم التزام رجال السلطة التنفيذية الموجهة إليهم الأسئلة بهذه الأحكام من جهة أخرى وبخاصة الأحكام التي تختص بإجراءات إدراج السؤال في جدول أعمال جلسات المجلس أو عدم رد الوزير الموجه إليه السؤال بسبب الغياب عن الجلسة التي أدرج فيها السؤال أو تأخير الرد على السؤال أكثر من المدة المحددة في النظام الداخلي للبرلمان، وخروج بعض الأعضاء في أسئلتهم عن الهدف الذي قصده المشرع من السؤال، وتقدم بعض الأعضاء بأسئلة ثم طلب تحويل السؤال إلى موضوع عام للمناقشة..
ونعرض فيما يلي أهم المعوقات التي كشفت عنها السوابق البرلمانية والتي تحد من فاعلية الأسئلة البرلمانية:
 1 -        إحجام بعض أعضاء المجلس النيابي عن استعمال حقهم في السؤال أو استعمال هذا الحق بشكل محدود سواء كان موضوع السؤال مسائل محلية خاصة بمناطقهم أو مسائل ذات طابع وطني تهم الوطن ككل، أو مسائل ذات طابع عربي أو دولي.. فضلاً عن أن عدداً محدوداً من الأعضاء يستخدمون حقهم في السؤال على نطاق واسع خلال دورات متتالية من دورات البرلمان.
وقد دلت التجارب البرلمانية – في مجال العلاقة بين البرلمان والحكومة وممارسة أعضاء البرلمان لوسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الإدارة ومنها السؤال البرلماني – أن نجاح الرقابة البرلمانية يتوقف على مدى صدق المعلومات والبيانات التي تتوفر لدى أعضاء البرلمان عن الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة ومدى دقتها وواقعيتها.. وأنه يحصل أحياناً أن يتم التفاهم بين عضو البرلمان السائل والوزير المختص الموجه إليه السؤال بعد اجتماعه به حول موضوع السؤال قبل الرد عليه، حيث يُعتبر مثل هذا الأمر مظهراً للتعاون بين البرلمان والوزارة ما دام أن الهدف هو المصلحة العامة التي ينشد عضو البرلمان تحقيقها من استخدامه للسؤال كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية..
 2 -        خروج بعض أعضاء البرلمان في أسئلتهم عن الهدف الذي قصده المشرع من السؤال وهو استفهام عضو البرلمان عن أمر يجهله أو رغبته في التحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه أو استعلامه عن نية الحكومة في أمر من الأمور، أو عدم التزامهم بالشروط والإجراءات القانونية المطلوبة لصحة السؤال، أو أن يكون السؤال غير واضح..
ويستفاد من التجارب البرلمانية في مجال السؤال البرلماني أن بعض أعضاء البرلمان يتقدمون بأسئلة تتضمن معلومات تفصيلية أو بيانات واسعة تخرج عن مفهوم السؤال والهدف منه - كوسيلة رقابة برلمانية - وأن بإمكان العضو السائل الاطلاع عليها.. أو أن يتضمن السؤال عدة بنود تتناول موضوعات لا ارتباط بينها مما يعني أن العضو السائل لا يستفهم عن أمر محدد أو مسألة أو موضوع معين أو واقعة بذاتها أو أن يكون السؤال مسهباً بما يخالف الضوابط الدستورية، ومن ثم يجوز للوزير أن يخطر العضو السائل بالاعتذار عن الإجابة عن سؤاله..
هذا فضلاً عن أن بعض الأسئلة ليس بمقدور أي دائرة الإجابة عنها لما يتطلبه ذلك من جهد ووقت، وأنه لو تمت الإجابة عنها فإن تلاوة أجوبتها من قبل الوزراء المختصين يستنفذ وقت المجلس المخصص للأسئلة ويحول دون بحث ومناقشة أسئلة أخرى.. وكل ذلك بسبب خروج الأسئلة التي يوجهها الأعضاء عن مفهوم وهدف السؤال المحدد في اللائحة الداخلية للمجلس النيابي، الأمر الذي يضطر رئيس المجلس النيابي لأن يطلب من العضو السائل توضيح السؤال أو إعادة صياغة سؤاله بما يتفق مع مفهوم السؤال الوارد في النظام وذلك بهدف تفعيل السؤال البرلماني من خلال إرساء التقاليد البرلمانية العرفية، وترسيخ مبدأ التعاون بين المجلس النيابي والحكومة واستثمار جهد المجلس والحكومة فيما يعزز هذا المبدأ.
ومن تطبيقات ذلك في مجال غموض السؤال وعدم تحديد مضمونه السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لوزيرة الاقتصاد حول تنفيذ القانون الاتحادي في شأن تنفيذها هذا القانون، حيث انتهى السؤال برد الوزيرة على السؤال وتعقيب العضو السائل على إجابة الوزيرة، وقد أشارت الوزيرة في ردها على تعقيب العضو السائل بأن السؤال غير دقيق حيث يفهم من تعقيب العضو أن سؤاله يتعلق بزيادة الأسعار على المستهلك في حين أن السؤال الأول كان حول الإجراءات التي قامت بها الوزارة والجهات ذات العلاقة في شأن تنفيذ القانون الاتحادي الخاص بحماية المستهلك وأن السؤال الخاص بزيادة الأسعار والغلاء يحتاج إلى إعداد الإجابة عنه وهو ليس السؤال الموجود أمامي والذي أجبت عنه، ثم أعطي حق التعقيب الأخير للعضو السائل فأشار إلى أن سؤاله يتركز حول حماية المستهلك من زيادة الأسعار، الأمر الذي جعل رئيس المجلس ينبه إلى موضوع صياغة الأسئلة وضرورة دقتها ووضوحها وتحديدها بعد أن أشار العضو السائل إلى أن موضوع سؤاله هو حماية المستهلك وليس إجراءات تنفيذ القانون، وأكد رئيس المجلس على الأمانة العامة للمجلس بأن يراعوا عند تقديم الأسئلة من أعضاء المجلس الطلب منهم تحديد موضوعات الأسئلة بدقة ووضوح حتى لا يحصل بعض اللبس عند الوزراء أو عند بعض الأعضاء..(75) .
 3 -        عدم التزام بعض أعضاء المجلس النيابي بالشروط والإجراءات القانونية المطلوبة لصحة السؤال أو إجراءات تقديمه المقررة في اللوائح الداخلية لهذه المجالس، كتضمين السؤال عبارات غير لائقة، أو كون السؤال ينطوي على مصلحة شخصية أو خاصة أو عدم إدراج السؤال في جدول أعمال المجلس، أو عدم أعطائه الأولوية على غيره من الوسائل الرقابية الأخرى، أو ارتباط موضوع السؤال بموضوعات منظورة أمام القضاء أو محالة إلى لجان أخرى.
يضاف إلى ذلك صعوبة ممارسة الوظيفة الرقابية لعضو المجلس النيابي من خلال السؤال بسبب تعقد وتشعب مهامه.. وهذا ينطبق على المجلس الوطني الاتحادي إذ إن مهام عضو المجلس لا تقتصر على حق السؤال بل يوجد إلى جانب ذلك مهام أخرى أهمها ممارسة الوظيفة التشريعية بما تتطلبه من مشاركة عضو المجلس في اقتراح وتعديل وصياغة مشروعات القوانين والمشاركة في مناقشة بنود الميزانية للاتحاد وإقرار قانونها وإعدادها وتعديلها، وكذلك الحساب الختامي للاتحاد، الأمر الذي يلقي على عاتق طرفي العملية الرقابية - أعضاء المجلس الوطني الاتحادي والحكومة - عبئاً كبيراً ويقتضي بالتالي إلمام أعضاء المجلس والوزراء بهذه المجالات والقدرة على المتابعة المستمرة لهذه الموضوعات، ولعل أبرز مثال على ذلك ما واجهه المجلس من أعباء تشريعية في صياغة التشريعات وتعديلها حيث تستغرق معظم وقتهم في الجلسات المتعددة للنظر في مشروعات القوانين الجديدة أو تعديلات القوانين السارية، وكل ذلك جعل الوظيفة التشريعية للمجلس تطغى على الوظيفة الرقابية وبالتالي الحد من استخدام وسائل الرقابة البرلمانية – ومنها السؤال – والحد من فعاليتها..(76) .
 4 -        إحجام بعض الوزراء عن تقديم المعلومات والبيانات والوثائق والمستندات الكافية عن الموضوعات محل السؤال عند ردهم على عضو المجلس النيابي السائل.. ويستفاد من التطبيقات البرلمانية في مجال رصد الردود التي يقدمها الوزراء على أسئلة الأعضاء في بعض جلسات الدورات العادية للبرلمان أن بعض الأعضاء كان يشكو من قلة – بل ندرة – المعلومات والبيانات التي يحصل عليها عند طلبها بمناسبة تقديم السؤال.. كما أن بعض الأعضاء كان عند مناقشة رد الوزير على سؤاله يؤكد عدم اقتناعه برد الوزير لأن المعلومات التي عرضها الوزير في رده غير كافية أو محدودة بحيث لا تتضمن ما يقنع العضو السائل، وهذا يفقد السؤال فعاليته وغرضه..
ومن تطبيقات ذلك السؤال الموجه من أحد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي لوزير الطاقة حول أسباب نقص الطاقة في الإمارات الشمالية ومتى ستحل الأزمة المتفاقمة؟ وقد رد وزير الطاقة رئيس مجلس إدارة الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في إجابة مكتوبة ومطوله تضمنت ثمان فقرات وبرغم ذلك لم يقتنع العضو السائل بإجابة الوزير وقال في رده: يؤسفني بأن لدي من المستندات ما لا يتوافر مع ما ورد في رد الوزير ولذا أطلب حضور الوزير لمناقشة هذا الموضوع..(77) .
ويرجع بعض فقهاء القانون الدستوري السبب في عدم تمكن أعضاء البرلمان من الحصول على المعلومات والبيانات عن موضوعات أسئلتهم إلى عدم توفر الإمكانيات والتسهيلات اللازمة للحصول على هذه المعلومات والبيانات حيث لا يمكنهم اللجوء إلى الأجهزة الإدارية للحصول عليها إلا من خلال الوزراء، وذلك بعكس الوزراء الذين تسندهم الأجهزة الإدارية ويسندهم الموظفون حينما يتطلب الموقف الرد على سؤال معين..(78) .
وبالرغم من أن القوانين واللوائح التي تحكم وسائل الرقابة البرلمانية - ومنها السؤال البرلماني- تنص على إلزام الوزراء بتقديم الوثائق والمستندات والبيانات الضرورية لدعم إجاباتهم عن الأسئلة البرلمانية إلى أعضاء المجلس النيابي لما لهذه الوثائق والبيانات من صلة بتنفيذ القوانين واللوائح الخاصة بوزاراتهم، إلا أن الواقع والتطبيق العلمي يكشفان أحياناً عن أن الالتزام بهذه القواعد لم يكن كاملاً وبالتالي لم يكن كافياً لتحقيق فعالية الرقابة البرلمانية بشكل عام والسؤال البرلماني بشكل خاص..(79) .
 5 -        تقدم بعض أعضاء المجلس النيابي بأسئلة ثم طلب تحويل السؤال إلى موضوع عام للمناقشة.. ذلك أن الاتجاه الغالب في الفقه الدستوري وما استقرت عليه التقاليد البرلمانية هو أنه لا يوجد ما يبرر تحويل أو تعديل السؤال البرلماني إلى موضوع عام للمناقشة، لأن السؤال - كأحد وسائل الرقابة البرلمانية - وضع لأغراض أخرى تدور في مجملها حول استفهام عضو المجلس النيابي عن أمر لا يعلمه العضو، أو للتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه أو الوقوف على ما تعتزم الحكومة عمله في أمر من الأمور للحصول على معلومات أو بيانات بحتة.. وهذا يختلف عن إجراءات وغرض طرح موضوع عام للمناقشة حددتها اللوائح الداخلية للمجالس النيابية بداية من اقتراحها أو تبنيها وتوقيعها من عدد من أعضاء المجلس ونهاية بالموافقة من مجلس الوزراء على مناقشتها..
ويستفاد من مضابط جلسات المجلس الوطني الاتحادي التي قدمت فيها أسئلة من بعض الأعضاء وطلب فيها تحويلها إلى موضوع عام للمناقشة لم يوافق المجلس على هذه الطلبات وذلك لأن الضوابط والشروط التي تحكم طرح موضوع عام للمناقشة والواردة في المواد (103-105) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي تختلف عن ضوابط وشروط وإجراءات صحة تقديم السؤال وقبوله.
ومن تطبيقات ذلك السؤال الذي طرحه أحد أعضاء المجلس حول تملك غير المواطنين للعقارات في الدولة ومضمونه أنه سبق أن أحالت الحكومة إلى المجلس مشروع قانون اتحادي بشأن تملك غير المواطنين للعقارات في الدولة ثم أعيد المشروع إلى مجلس الوزراء، فإلى أي مرحلة من مراحل إعداد القوانين وصل مشروع القانون؟.. وبعد إجابة الوزير عن هذا السؤال أثار رئيس المجلس الوطني الاتحادي والعضو مقدم السؤال مسألة تحويل هذا السؤال إلى موضوع عام للمناقشة نظراً إلى أهميته البالغة ولعلاقته بموضوع التركيبة السكانية التي ناقشها المجلس الوطني الاتحادي.. وطلب مقدم السؤال ضرورة أن يتبنى الأعضاء هذا السؤال كموضوع عام يطرح للمناقشة نظراً إلى أهميته أو أن يحول المجلس مباشرة هذا السؤال ٍإلى موضوع عام يناقشه المجلس في جلسة مقبلة، وقد وافق المجلس على تحويل هذا السؤال إلى موضوع عام للمناقشة على أن يتبناه خمسة أعضاء على الأقل، إلا أنه لم يتبنه أي عضو من أعضاء المجلس، ولذلك لم يطرح بعد ذلك..(80) .
 6 -        صعوبة مراقبة أعمال الحكومة بالنسبة لأعضاء المجلس النيابي: أثبتت التجارب البرلمانية أن مهمة الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية مهمة شاقة بسبب تزايد عدد وحجم المرافق العامة وتشعب نشاطاتها وتنوعها بسبب التطور والتقدم التكنولوجي مما جعل من الصعب على عضو البرلمان أن يلم بهذا التطور حتى يتمكن من ممارسة دوره في الرقابة على أعمال هذه المرافق بفاعلية..
ويرجع بعض الفقهاء السبب في عدم قدرة أعضاء البرلمان على ممارسة الوظيفة الرقابية البرلمانية بشكل عام والسؤال البرلماني بشكل خاص إلى تدني مستوى كفاءة وجدارة بعض أعضاء البرلمان ونقص الخبرة في مجال العمل التنفيذي لديهم، إذ إن من لا يمارسون العمل التنفيذي ويعرفون كل جوانبه وطرق كشف الملاحظات وأساليب تداركها لا يمكنهم مراقبة هذا العمل.. وكل ذلك ينعكس سلباً في تأثيره على ممارسة واستخدام وسائل الرقابة البرلمانية..(81) .
غير أننا لا نتفق مع الرأي السابق على إطلاقه الذي ينظر إلى مستوى كفاءة أعضاء البرلمان وخبرتهم كعامل أساسي يؤثر في ممارسة الوظيفة الرقابية، ذلك أن ما يشكو منه الجميع من عجز أعضاء البرلمان عن ممارسة الوظيفة الرقابية البرلمانية بشكل فعال لا يعود كله إلى هبوط مستوى الكفاءة والجدارة ونقص التجربة البرلمانية وحجم العمل والأعباء التي تتطلبها الحياة من هذه البرلمانات وتلك الحكومات، وتنوع وتشعب وظائف الدولة وتعقدها، وكلها مسائل تتسم بالدقة وتتطلب اختصاصيين قادرين على دراستها والوقوف على وقائعها، ولا يستطيع أعضاء البرلمان الإلمام بها والقيام بأمر معالجتها..(82) .
ولعل ما يؤكد هذا الرأي ما يلاحظ من خلال التصنيف الإحصائي لمؤهلات وخبرات أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الثاني عشر الحالي في تشكيله الجديد – حيث أصبح نصف عدد الأعضاء منتخبين والنصف الآخر معينين(83) – فإن عدداً كبيراً منهم لديه أعلى المؤهلات العلمية والتجارب السياسية وممارسة العمل التنفيذي، وأن مستوى كفاءة أعضاء المجلس وخبرتهم لا يشكل عاملاً أساسياً معوقاً لممارسة الوظيفة الرقابية البرلمانية بشكل عام وحق السؤال بشكل خاص، وإنما هو أحد عوامل متعددة تؤثر في ممارسة هذه الوظيفة بفاعلية.. فقد تبين من خلال التصنيف الإحصائي لمؤهلات وخبرات أعضاء المجلس الوطني الحالي أن المستوى التعليمي لأعضاء المجلس البالغ عددهم أربعين عضواً – على الرغم من أهميته التي تنعكس على مناقشات الأعضاء للقضايا التي يتناولها المجلس، إلا أن تأثير هؤلاء الأعضاء في أداء المجلس تحكمه اعتبارات أخرى غير التعليم وهي اعتبارات ترتبط بخصوصية دولة الإمارات العربية المتحدة وظروف نشأتها..(84) .
الخاتمة :
يستفاد من العرض السابق لموضوع السؤال البرلماني وتطبيقاته على المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة أن الدستور الإماراتي قد نص في استخدام السؤال البرلماني من قبل أعضاء المجلس الوطني في الرقابة على أعمال الوزراء، وأن النظام الداخلي للمجلس الوطني قد حدد شروط قبول السؤال وإجراءات تقديمه من قبل عضو المجلس وإجابة أو عدم إجابة الوزير المختص عن السؤال وأسباب ذلك..
وقد خلصت الدراسة إلى تحديد المعوقات التي تحد من فاعلية الأسئلة البرلمانية بشكل عام والتطبيق في المجلس الوطني الاتحادي بشكل خاص وسبل تلافيها أو الحد منها وذلك من خلال الوسائل التالية:
§      تشجيع أعضاء المجلس الوطني الاتحادي على استعمال حقهم في السؤال البرلماني سواء كان موضوعه مسائل محلية خاصة بمناطقهم أو مسائل ذات طابع وطني تهم الوطن ككل، أو مسائل ذات طابع عربي أو دولي.. وذلك في ضوء المعلومات والبيانات التي تتوافر لدى أعضاء المجلس عن الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة ومدى دقتها وواقعيتها.
§      التزام العضو السائل بالشروط والإجراءات القانونية المطلوبة لصحة السؤال وإجراءات تقديمه وعدم خروج الأسئلة التي يوجهها الأعضاء عن مفهوم وهدف السؤال المحدد في اللائحة الداخلية للمجلس الوطني، والالتزام بعدم تجاوز موانع توجيه السؤال كأن يكون موضوع السؤال منظورا أمام القضاء أو محال إلى لجان أخرى.
§      استجابة الوزير الموجه إليه السؤال وتقديم المعلومات والبيانات والوثائق والمستندات الكافية عن الموضوعات محل السؤال عند ردهم على عضو المجلس السائل، لأن عدم استجابة الوزير لمتطلبات السؤال يفقده فعاليته وغرضه.
§      عدم لجوء أعضاء المجلس في توجيه الأسئلة إلى طلب تحويلها إلى موضوعات عامة للمناقشة، إذ لا يوجد ما يبرر تحويل أو تعديل السؤال إلى موضوع عام للمناقشة، لأن موضوع السؤال يدور أساسا حول استفهام عضو المجلس عن أمر لا يعلمه أو التحقق من واقعة وصل علمها إليه، وهذا يختلف عن إجراءات وغرض طرح موضوع عام للمناقشة.
§     إن التطبيق العملي قد أثبت عدم وجود علاقة بين مستوى كفاءة وجدارة أعضاء المجلس وبين فاعلية السؤال كأداة رقابية، وذلك أن عدم قدرة أعضاء المجلس على ممارسة السؤال البرلماني بشكل فعال يرجع إلى عدة عوامل أهمها: تزايد عدد وحجم المرافق العامة وتشعب نشاطاتها وتنوعها، وحجم العمل والأعباء التي تتطلبها الحياة البرلمانية، وكلها مسائل تتسم بالدقة وتتطلب اختصاصيين قادرين على دراستها والوقوف على وقائعها.
هوامش البحث :
(1)   راجع: د. كامل ليله، النظم السياسية- الدولة والحكومة، 1975، ص: 617.، علي الصاوي، من يراقب من؟ محاولة لتأصيل نظرية الرقابة البرلمانية، 2003، ص: 26.
(2)   انظر: د. محمد قدري حسن، رئيس مجلس الوزراء في النظم البرلمانية المعاصرة- دراسة مقارنة، 1990، ص: 330.
(3)   المادتان (92، 93) من الدستور الاتحادي لعام 1971.. والمواد (103- 122) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي.
(4)   نشأت هذه الوسيلة الرقابية – السؤال البرلماني- أول مرة في بريطانيا ومنها انتقلت إلى فرنسا ثم إلى العديد من البلدان ذات النظام البرلماني.. راجع سامي مهران، مجلس الشعب المصري في ظل دستور (1971)، 1996، ص: 85
(5)   راجع: د. سليمان الطماوي، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر الإسلامي، 1987، ص: 455.
(6)   د. إيهاب زكي سلام، الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني، 1983، ص:10.
(7)   د. مجدي محمود القاضي، تزايد دور السلطة التنفيذية في النظام الدستوري المصري، 2000، ص: 292.
(8)   المادة (93) من الدستور الاتحادي لعام 1971م.
(9)   المادة (106) من اللائحة الداخلية للمجلس الوطني الاتحادي الصادرة بالمرسوم الاتحادي رقم 97 لسنة 1977م.
(10)    قارن: د. سعاد الشرقاوي ود. عبدالله ناصف، أسس النظام الدستوري وشرح النظام السياسي المصري، 1984، ص: 361.
(11)     Lowell, lawrance, the Government of England, 1980, p: 33.
(12)    قارن: د. ايهاب زكي سلام مرجع سابق، ص:10.
(13)    راجع: مقال حسن حافظ عضو مجلس الشعب المصري حول موضوعات الاستجواب في مجلس الشعب المصري، المنشور بجريدة الأخبار المصرية، العدد (12)، 1983
(14)    انظر: د. عبدالله ناصف، مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة، 1981، ص: 89.
(15)    انظر: الكتيب الخاص بإجراءات مناقشة موضوع عام والصادر عن المجلس الوطني الاتحادي.
(16)    راجع: حول أولوية الحديث في الموضوع العام لمقدمي الطلب: السوابق البرلمانية في عمل المجلس الوطني الاتحادي في الفترة من 1972- 2005م، ص: 344
(17)    راجع د. محمد سالم المزروعي، المجلس الوطني الاتحادي- تجربة الماضي وآفاق المستقبل، 2007، ص: 272.
(18)    راجع: د. يحيى الجمل، النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية، 1974، ص: 223.
(19)    راجع في ذلك: د. سعاد الشرقاوي ود. عبدالله ناصف، مرجع سابق، ص: 361، د. رمزي الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، 1983، ص: 256.
(20)    انظر هذه الإحصائيات لعدد وسائل الرقابة البرلمانية التي استخدمها أعضاء المجلس الوطني الاتحادي خلال الفصول التشريعية المتعاقبة: د. المزروعي، مرجع سابق، ص: 155، 156.
(21)    راجع: د. زين بدر فراج، السؤال كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية، 1991، ص:34.
(22)    راجع : د. أحمد محمد إبراهيم، المسؤولية السياسية للحكومة في النظام البرلماني، رسالة دكتوراه، 1991، ص: 188.
(23)    مضبطة الجلسة الرابعة، الفصل التشريعي التاسع، دورة الانعقاد الأولى بتاريخ 20/4/1993، ص: 13- 14.
(24)    مضبطة الجلسة الأولى لدور الانعقاد الثاني في الفصل التشريعي الرابع عشر، تاريخ 10/11/2007، ص: 22.
(25)    مضبطة الجلسة التاسعة، الفصل التشريعي التاسع- دور الانعقاد الثاني، تاريخ 3/5/1994.
(26)    مضبطة الجلسة المؤرخة في 17/6/1980، ف/4، د/ج، ص:6.
(27)    مضبطة الجلسة المؤرخة في 27/5/2003، ف/13، د/1، ج/9، ص:44.
(28)    قارن د. محمد سالم المزروعي، مرجع سابق، ص: 231 وما بعدها .
(29)    انظر: قرار المحكمة الدستورية العليا الكويتية في تفسيرها للمادة (99) من الدستور الكويتي بشأن السؤال البرلماني، رقم 3 لسنة 2004، تفسير دستوري، ص: 31.
(30)    انظر : د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 37.
(31)    مضبطة الجلسة بتاريخ 30/6/1998، ف/11- د/1، ج/12، ص: 32-33.
(32)    راجع: د. محمد أنس قاسم، القانون الدستوري، 1987، ص: 65-66.
(33)    راجع: د.إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 50.
(34)    د. محمد باهي أبو يونس، الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة في النظامين المصري والكويتي، مرجع سابق، ص:57.
(35)    راجع : قرار المحكمة الدستورية العليا الكويتية في تفسير نص المادة (99) بشأن السؤال البرلماني، رقم 3 لسنة 2004، تفسير دستوري، ص: 34.
(36)    راجع د. عثمان عبد الملك الصالح، النظام الدستوري والمؤسسات الدستورية في الكويت، مرجع سابق، ص:711.
(37)    راجع : د. محمد قدري حسن، رئيس مجلس الوزراء في النظم البرلمانية المعاصرة - دراسة مقارنة، 1995، ص: 349.
(38)    انظر: د. عادل الطبطبائي، الأسئلة البرلمانية: نشأتها، أنواعها، وظائفها، 1987، ص: 26.
(39)    راجع: د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 51.
(40)    راجع: د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 52.
(41)    A.w. Bradley constitutional and administrative law, 1985, p: 20.
(42)    يختلف مجلس الشعب المصري عن مجلس آخر تم إنشاؤه عام 1980 أطلق عليه ( مجلس الشورى) وهو مجلس شبه نيابي وبموجب التعديل الدستوري لعام 2006 أصبح للمجلس قدر من السلطة التشريعية الحقيقية بالموافقة أو عدم الموافقة على بعض مشروعات القوانين. وأن رئيس الجمهورية يأخذ رأيه في العديد من الأمور التي يراها .. ويتشكل هذا المجلس من عدد من الأعضاء لا يقل عن (132) عضواً مكونين من فئتين: منتخبة ومعينة، ويبلغ عدد الأعضاء المنتخبين ثلثي أعضاء المجلس. راجع : د. سامي جمال الدين، النظم السياسية والقانون الدستوري- نظرية الدولة وأنظمة الحكم فيها في عصر العولمة السياسية والقانون الدستوري المصري والشرعية الدستورية، الطبعة الأولى، 2005، ص: 630-636.
(43)    انظر: د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 46.
(44)    المادة (122/ ف2) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي.
(45)    انظر: دليل إجراءات مناقشة السؤال الصادر عن الأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي.
(46)    راجع: د. زين بدر فراج، السؤال كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية، مرجع سابق، ص: 26.
(47)    انظر: السوابق البرلمانية في عمل المجلس الوطني الاتحادي في الفترة من 1972- 2005، ص: 122 وما بعدها.
(48)    انظر: د. عادل الطبطبائي، الأسئلة البرلمانية، مرجع سابق، ص: 167 وما بعدها.
(49)    راجع: د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 10.. حيث يشير إلى مناقشات مجلس الشعب المصري للمادة (208) من النظام الداخلي للمجلس والخاصة بمواعيد الرد على أسئلة أعضاء المجلس.
(50)    تعرف الفترة التي يظل خلالها المجلس الوطني الاتحادي منعقداً بدور الانعقاد السنوي، وتتفاوت مدة دورة الانعقاد بين شهرين وسبعة أشهر، أما الفصل التشريعي فمدته سنتان وهي مدة العضوية في المجلس.
(51)    راجع: د. السيد محمد إبراهيم، أسس التنظيم السياسي والدستوري لدولة الإمارات العربية المتحدة، ط1، 1975، ص: 351-352.
(52)    راجع: د. محمد باهي ابو يونس، مرجع سابق، ص: 90.
(53)    راجع : د. ايهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 88.
(54)    حددت المادة (60) من الدستور الاتحادي اختصاصات رئيس مجلس الوزراء الاتحادي والوزراء.
(55)    راجع: د. سليمان الطماوي، النظم السياسية والقانون الدستوري، 1986، ص: 558.
(56)    راجع: د. عادل الطبطبائي، نفس المرجع السابق، ص:106.
(57)    انظر: د. صلاح الدين فوزي، دراسة مقارنة تحليلية لبرلمانات العالم، ص: 155.
(58)    قرار التفسير الصادر عن المحكمة الدستورية العليا الكويتية في تفسير المادة (99) من الدستور الكويتي بشأن السؤال البرلماني، رقم 3 لسنة 2004، تفسير دستوري، ص: 36.
(59)    نفس المرجع السابق، ص: 11- 12.
(60)    انظر: الدليل الإرشادي لعضو المجلس الوطني الاتحادي الصادر عن المجلس، ص:41.
(61)    مضبطة الجلسة المنعقدة بتاريخ 12/2/1985- ف/6، د/2، ج/5، ص: 9-10.
(62)    تجيز بعض الدساتير واللوائح الداخلية للمجالس النيابية لأعضائها التعقيب على رد الوزير مرة واحدة وليس مرتين.. ومثالها: المادة (99) من الدستور الكويتي والمادة (125) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي.. والمادة (91) من الدستور البحريني والتي تنص على أن: (( للسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة، فإن أضاف الوزير جديداً تجدد حق العضو في التعقيب.. )).
(63)    راجع: محاضر جلسات مجلس الشعب المصري والآراء التي تؤيد هذا الاتجاه والواردة في مضبطة المجلس رقم (28) جلسة بتاريخ 16/11/1982.. مدونة التقاليد البرلمانية المصرية منذ بدء الحياة النيابية في مصر حتى الفصل التشريعي الثالث لمجلس الشعب المصري، عام 1984، البند رقم (45)، ص: 338.
(64)    لقد أكد المشرع الدستوري في دولة الإمارات العربية المتحدة هذه القاعدة بالنص عليها في المادة (64) من الدستور الاتحادي ومؤداها: (( أن رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون سياسياً بالتضامن أمام رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى للاتحاد عن تنفيذ السياسة العامة للاتحاد في الداخل والخارج، وكل منهم مسؤول شخصياً أمام رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى للاتحاد عن أعمال وزارته أو منصبه )).
(65)    راجع: د. سيد رجب السيد، المسؤولية الوزارية في النظم السياسية المعاصرة، 1978، ص: 617.. د. ماجد الحلو، القانون الدستوري، 1976، ص: 214.
(66)    مضبطة الجلسة المنعقدة بتاريخ 5/6/2000- ف/12، د/2، ج/15، ص: 14،15.
(67)    مضبطة الجلسة الأولى لدور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر المنعقدة بتاريخ 10/11/2007، ص: 22.
(68)    Turpin, British Government and the constitution, 1985, p: 20.. A.W. Bradley, op.cit, p:39.
(69)    راجع في هذا الرأي: د. سيد رجب السيد، مرجع سابق، ص: 071. د. عبد الله إبراهيم ناصف، مرجع سابق، ص: 86.
(70)    Wilding Norman and Philploundry: An Encyclopedia of parliament, 1968, pp: 67-69.
(71)    راجع: د. عادل الطبطبائي، مرجع سابق، ص:110.
(72)    راجع في ذلك: د. رمزي الشاعر، النظم السياسية والقانون الدستوري، النظرية العامة للقانون الدستوري، 1977، ص: 240.. د. سيد رجب السيد، مرجع سابق، ص: 152.
(73)    راجع: د. السيد صبري، حكومة الوزارة – بحث تحليل لنشأة وتطور النظام البرلماني في انجلترا، 1953، ص: 46 وما بعدها.. د. سيد رجب السيد، المسؤولية الوزارية في النظم السياسية المعاصرة، 1978، ص: 824.
(74)    A.W. Bardley, op. cit, p: 254.
(75)    مضبطة الجلسة الأولى لدور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر بتاريخ 10/11/2007، ص: 22.
(76)    يستفاد من رصد مهام المجلس الوطني الاتحادي في مجال الوظيفة التشريعية خلال الفصول التشريعية الاثني عشر أن عدد مشروعات القوانين التي نظرها المجلس (398) مشروع قانون منها (223) مشروع قانون عادي، والباقي (160) مشروعات قوانين خاصة بالميزانية العامة والحسابات الختامية سواء للاتحاد أو للهيئات المستقلة.. وهذا يدل على حجم العبء الذي يقع على عاتق أعضاء المجلس الوطني الاتحادي في مجال الوظيفة التشريعية.
(77)    مضبطة الجلسة السادسة المنعقدة بتاريخ 11/2/2008 في دورة الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر.
(78)    راجع في ذلك: Birch, A. H. The British System of Government, 1969, p: 211K ، د.عبد الحميد متولي: أزمة الأنظمة الديمقراطية، 1964، ص: 20.. أندريه هوريد، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، ترجمة: مقلد حداد، الجزء الثاني، 1977، ص: 218.
(79)    راجع: د. سيد رجب السيد، مرجع سابق، ص: 152.
(80)    مضبطة الجلسة المنعقدة بتاريخ 19/4/1994، ف/9، د/2، ج/8، ص: 7 – 26.  
(81)    راجع: د. إيهاب زكي سلام، مرجع سابق، ص: 204، 205.
(82)    قارن: د. وحيد رأفت ووايت إبراهيم، القانون الدستوري، 1937، ص: 523.
(83)    صدر في 10/8/2006 قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم (4) لسنة 2006 في شأن طريقة اختيار ممثلي الإمارات في المجلس الوطني الاتحادي، وهو يشكل المرجعية الدستورية القانونية للانتخابات، حيث نص في مادته الأولى على ما يلي: (( يتم اختيار ممثلي كل إمارة لشغل المقاعد المخصصة لها وفقاً للدستور في المجلس الوطني الاتحادي وفقاً لما يلي: 1. يتم انتخاب نصف الأعضاء من قبل هيئة انتخابية تشكل بواقع مائة مضاعف لممثلي كل إمارة كحد أدنى.. 2. يتم اختيار النصف الآخر من ممثلي كل إمارة عن طريق الحاكم .. )) انظر: الجريدة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، العدد (453) أغسطس 2006، ص: 15.
(84)    كشفت دراسة إحصائية أجراها أحد الباحثين عن أن فئة الحاصلين على تعليم فوق الجامعي من حملة درجتي الماجستير والدكتوراه من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الحالي بدأت في الظهور ضمن تركيبة المجلس ابتداءً من الفصل التشريعي السابع وبما نسبته 2.5% إلى أن وصل العدد إلى ثمانية أعضاء بنسبة 20% في الفصل التشريعي الثاني عشر، وبذلك تزايدت أعداد ونسب الحاصلين على الشهادتين الجامعية وفوق الجامعية من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي بالتدريج ليصل مجموعهم في الفصل التشريعي الثاني عشر إلى (25) عضواً، أي بنسبة 62.5% من إجمالي عدد أعضاء المجلس البالغ أربعين عضواً راجع: د. المزروعي، مرجع سابق، ص: 131.
مراجع البحث :
 §        إبراهيم، أحمد محمد، المسؤولية السياسية للحكومة في النظام البرلماني، 1991.
 §        إبراهيم، السيد محمد، أسس التنظيم السياسي والدستوري لدولة الإمارات العربية المتحدة، 1975.
 §        حسن، محمد قدري، رئيس مجلس الوزراء في النظم البرلمانية المعاصرة- دراسة مقارنة، 1995.
 §        الحلو، ماجد، القانون الدستوري، 1976.
 §        الجمل، يحيى، النظام الدستوري في جمهورية مصر العربية، 1974.
 §        السيد، سيد رجب، المسؤولية الوزارية في النظم السياسية المعاصرة،1978.
 §        الشاعر، رمزي، النظرية العامة للقانون الدستوري، 1983.
 §        الشرقاوي، سعاد، وناصيف، عبدالله ، أسس النظام الدستوري وشرح النظام السياسي المصري، 1984.
 §        الطماوي، سليمان، السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر الإسلامي،1987.
 §        الصاوي، علي، من يراقب من؟ محاولة لتأصيل الرقابة البرلمانية،2003.
 §        الصالح، عثمان عبد الملك، النظام الدستوري والمؤسسات الدستورية في الكويت،1984.
 §        الطبطبائي، عادل، الأسئلة البرلمانية: نشأتها، أنواعها،وظائفها،1987.
 §        القاضي، مجدي محمود، تزايد دور السلطة التنفيذية في النظام الدستوري المصري، 2000.
 §        المزروعي، محمد سالم، المجلس الوطني الاتحادي- تجربة الماضي وآفاق المستقبل، 2007.
 §        سلام، إيهاب زكي، الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية في النظام البرلماني، 1983.
 §        رأفت، وحيد، إبراهيم، وايت، القانون الدستوري، 1973.
 §        صبري، السيد، حكومة الوزارة - بحث تحليلي لنشأة وتطور النظام البرلماني في إنجلترا، 1953.
 §        فوزي، صلاح الدين، دراسة مقارنة تحليلية لبرلمانات العالم، 1989.
 §        فراج، زين بدر، السؤال كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية،1991.
 §        قاسم، محمد أنس، القانون الدستوري، 1987.
 §        ليله، محمد كامل، النظم السياسية- الدولة والحكومة، 1975.
 §        متولي، عبد الحميد، أزمة الأنظمة الديمقراطية، 1964.
 §        مهران، سامي، مجلس الشعب المصري في ظل الدستور(1971)، 1996.
 §        ناصيف، عبدالله، مدى توازن السلطة السياسية مع المسؤولية في الدولة الحديثة، 1981.
 §        هوريو، أندريه، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، ترجمة عربية ، مقلد حداد، 1977.
* * *






The Parliamentary Process:
A Comparative and Applied Study on the Federal
National Council in the United Arab Emirates
Prof. Nawaf Salem Kanaan
College of Law – University of Sharjah
Sharjah U.A.E


ABSTRACT

This research studies the parliamentary process and its application in the Federal National Council in the United Arab Emirates. It analyzes the concept of the parliament and its importance in disclosing violations and following up on the implementation of the laws, conditions for accepting the parliamentary process, and measures for putting it forward. It further considers acceptance of the parliamentary process, responding or abstaining on the part of particular ministers and what that might indicate, and obstacles in determining the effectiveness of the parliament as a means of control.



EmoticonEmoticon