الجمعة، 4 ديسمبر 2015

الأعمال التجارية وفق القانون الجزائري


بحث عن الأعمال التجارية وفق القانون الجزائري



مقدمة:
إن القانون التجاري فرع من فروع القانون الخاص متعلق بالعمليات القانونية التي يقوم بها التجار فيما بينهم أو مع الزبائن فسميت هذه العمليات بالعمليات التجارية لأنها تتعلق بممارسة التجارة غير أن القانون التجاري لا ينظم الأعمال التجارية التي يقوم بها التجار فقط و لكن كذلك الأعمال التجارية التي يقوم بها غير التجار.
ففيما تتحدد هذه الأعمال ؟
و هل هناك خاصيات محددة تميز العمل التجاري عن غيره من الأعمال؟
و ما هي الأقسام المنبثقة عن هذه الأعمال التجارية؟
كل هذه التساؤلات سنحاول الإجابة عنها في هذا البحث متبعين الخطوات التالية:


  •  المبحث الأول: تحديد الأعمـــــــــــــــال التجارية و أهميتها
  •  المبحث الثاني: الأعمال التجارية بحسب الموضوع والشكل
  •  المبحث الثالث: الأعمــــــــــال التجارية بالتبعية والمختلطة

------------------

  •  المبحث الأول: تحديد الأعمال التجارية و أهميتها.


لقد عرفت المادة الأولى من ق-ت-ج التاجر انه " يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا و يتخذه مهنة معتادة له ما لم يقضي القانون بخلاف ذلك " من هذا نلاحظ أن المشرع الجزائري استعمل عبارة العمل التجاري لتحديد مفهوم التاجر غير انه لم يعطي تعريف للعمل التجاري و إنما قام بتعدادها في المادة الثانية من ق-ت-ج.
فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن و هو ما هي المعايير المعتمد عليها في تحديد الأعمال التجارية و كيفية التمييز بينها و بين الأعمال المدنية؟
لذلك قسمنا المبحث الأول إلى مطلبين.

  • المطلب الأول: معايير تحديد الأعمال التجارية

لتحديد الأعمال التجارية لابد من الوقوف على المعايير المتفق عليها و على هذا الأساس قمنا بتقسيم هذا المطلب إلى ثلاث فروع.

الفرع الأول: معيار المضاربة.

يعتبر العمل تجاريا إذا كان يهدف إلى تحقيق الربح و الحصول على المنفعة نتيجة البيع بسعر أعلى من سعر الشراء حيث يعتبر العمل تجاريا إذا توافر فيه هذا القصد و إلا كان عملا مدنيا لذلك يعتبر هذا المعيار العامل الفاصل بين العمل المدني و العمل التجاري.
إلا أن هذا المعيار قاصرا على أساس أن هناك بعض الأعمال بالرغم من أنها تهدف إلى تحقيق الربح و مع ذلك اعتبرها المشرع مدنية كمهنة المحامي و الطبيب...

الفرع الثاني: معيار التداول

طبقا لهذا المعيار فان النقود و السلع و السندات يجري تداولها و انتقالها من المنتج إلى المستهلك و من ثمة يعتبر عملا تجاريا كل عمل يدخل في هذا التداول أي في عمليات الوساطة مع استبعاد جميع أعمال الإنتاج و جميع أعمال الاستهلاك.
إلا أن هذا المعيار لم يسلم من الانتقادات على أساس أن بعض الأعمال ليست خاضعة مبدئيا لفكرة تداول الأموال و مثال ذلك وكالات الزواج بمعنى آخر أن هناك أعمال خاضعة لتداول الأموال لكنها أعمال مدنية.

الفرع الثالث: معيار المقاولة

المقاولة هي استخدام وسائل الإنتاج في منظمة دائمة أسست عل نشأة مادية فالعمل يعتبر تجاريا اذا كان يتم على شكل مشروع و هو موضوع يعتمد على فكرتين أساسيتين: التكرار و التنظيم.
و ما يعاب على هذا المعيار أن هناك بعض الأنشطة التي تمارس في شكل مقاولات لها طابع مدني كالتعاونيات الحرفية.

  • المطلب الثاني: أهمية التمييز بين الأعمال التجارية و الأعمال المدنية.

إن العمل التجاري يخضع لنظام قانوني مغاير للعمل المدني و توجد هناك تفرقة بين العمل التجاري و العمل المدني و منه فان الإشكال المطروح هنا هو ما هي المعايير أو الأسس القانونية التي اعتمدها المشرع للتفرقة بين العمل المدني و العمل التجاري؟

الفرع الأول: الاختصاص القضائي.

إن الدول التي أخذت بقانون تجاري مستقل إلى جانب القانون المدني اعتنقت في المجال القضائي مبدأ تخصيص يختص بالنظر في المنازعات التجارية فقط و تأتي فرنسا على راس هذه الدول فقد أخذت به سنة 1807.
و نشير إلى أن الجزائر رغم اعتناقها لقانون تجاري مستقل فإنها في مجال القضاء تبنت وحدة القضاء بدلا من مبدأ التخصيص و هذا ما يستخلص من المادة الأولى من ق-ا-م الصادر في08 يونيو 1966 " إن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام و هي تفصل في جميع القضايا المدنية و التجارية أو دعاوى الشركات التي تختص بها محليا ".
فبالنسبة للاختصاص النوعي اذا عرض نزاع تجاري أمام الدائرة المدنية فلا يجوز الدفع بعدم الاختصاص.
أما فيما يتعلق بالاختصاص المحلي فان المادة 08 من نفس القانون تقضي بالاختصاص العام أي تطبق القاعدة الأصلية في مجال التقاضي الذي يرجع إلى محكمة المدعى عليه و تؤكد المادة 09 من نفس القانون كذلك عل هذا الاختصاصان يستطيع التاجر أن يرفع دعواه أمام محكمة موطن المدعى عليه و يعتبر بمثابة موطن للمدعى عليه التاجر إلى جانب موطنه الأصلي المكان الذي يباشر فيه تجارته.
أما بالنسبة للأعمال المختلطة فالاختصاص المحلي في المواد التجارية يكون وفقا لتقنين الإجراءات المدنية حيث إن المدعي له الحق في أن يرفع دعواه أمام القضاء إحدى المحاكم الثلاثة:
* محكمة موطن المدعى عليه: يعتبر المكان الذي يباشر فيه تجارته موطنا بالنسبة للأعمال المتعلقة بهذه التجارة إلى جانب موطنه الأصلي
( المادة 37 من ق- م ).
* محكمة إبرام العقد و تسليم البضاعة: و يشترط الاختصاص هنا أن يكون الاتفاق أو التسليم الفعلي قد حصل في دائرة المحكمة و أن يكون التنفيذ قد تم فعلا كله أو جزئه فلا يكفي أن يكون متفقا على حصول التنفيذ في دائرتها.
* محكمة محل الدفع: و هو المكان الذي تم الاتفاق بين الطرفين على الوفاء فيه.
أما بالنسبة للاختصاص النوعي فيكون كما يلي:
المدعي -- المدعى عليه -- القسم المختص – مدني -- تجاري
يجوز الاختيار بين القسم المدني و التجاري
تجاري مدني ترفع أمام القسم المدني

الفرع الثاني: الإثبات.

تنص المادة 333 من ق-م-ج انه " في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على 100.000 دج او كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في إثبات وجوده و انقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك " إن صريح هذه المادة يفيد أن الإثبات في المجال المدني كلما زادت قيمة الالتزام عن 100.000 دج أو كانت قيمته غير محددة.
و تنص المادة 328 من ق-م-ج على ما يلي " لا يكون العقد العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت "
أما في المسائل التجارية فقد أطلق المشرع حرية الإثبات بحيث تجوز البينة أو القرائن مهما كانت قيمة الالتزام التجاري المراد إثباته بدليل ما جاء في المادة 30 من ق-ت-ج انه " يثبت كل عقد تجاري:
بسندات رسمية/ سندات عرفية/ فاتورة مقبولة/ الرسائل/ دفاتر الطرفين/ الإثبات/ بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا أرادت المحكمة وجوب قبولها".
و يجوز الاحتجاج بالأوراق العرفية متى و لو لم تكن ثابتة التاريخ و لا يحتج في المسائل التجارية بقاعدة عدم جواز إثبات عكس الكتابة إلا بالكتابة ما لم يشترط المشرع في حالات خاصة ضرورة الكتابة كعقود الشركات إذ تنص المادة 545 من ق-ت-ج " تثبت الشركة بعقد رسمي و إلا كانت باطلة ".

الفرع الثالث: الاعذار

و مفاده أن الدائن يقوم بتوجيه إنذار للمدين حتى يوفي ما عليه من التزام و يسجل على المدين التأخر في الوفاء إذ من يوم الاعذار يبدأ سريان المواعيد بالنسبة للدول التي تأخذ بنظام الفوائد القانونية أما في الجزائر فان نص المادة554 من ق-م-ج يحرم مثل هذه الفوائد إذ تقضي بما يلي " القرض بين الأفراد يكون دائما بدون اجر و يقع باطلا كل نص يخالف ذلك "
و الاعذار في المواد المدنية لابد أن يتم بورقة رسمية بواسطة الأعوان القضائيون أما في الأعمال التجارية فقد سرى العرف على أن يتم الاعذار بخطاب عادي أو ببرقية دون الالتجاء إلى الأوراق الرسمية.

الفرع الرابع: المهلة القضائية أو النظرة الميسرة.

إذا حل اجل الوفاء و عجز المدين عن الوفاء به فالقواعد العامة تقضي بان للقاضي يمنح للمدين أجلا لتنفيذ التزامه إذا رأى ذلك ممكنا بشرط أن لا يسبب اجل الوفاء ضررا جسيما للدائن أما في الأعمال التجارية فلا يجوز للقاضي أن يمنح مثل هذه المهلة لان حلول اجل الدين له أهمية كبيرة في الميدان التجاري فلو تأخر ميعاد الدين قد يسبب للدائن ضررا كتفويت فرصة الربح عليه أو قد يكون سببا في تأخير الوفاء بديونه التجارية مما قد يعرضه لشهر إفلاسه.

الفرع الخامس: التضامن.

قد يتعدد المدينون بالالتزام فإذا كنا بصدد إعمال مدنية فان المادة 217 من ق-م-ج " التضامن بين الدائنين أو بين المدينين لا يفترض و إنما يكون بناءا على اتفاق أو نص قانوني "
أما في الأعمال التجارية فان التضامن مفترض حسب ما نصت عليه المادة 551 من ق-ت-ج " للشركاء بالتضامن صفة التاجر و هم مسؤولون من غير تحديد وبالتضامن عن ديون الشركة ".

الفرع السادس: النفاذ المعجل.

و هو تنفيذ الحكم رغم قابليته للطعن فيه بطرق الطعن العادية أو رغم حصول الطعن فيه بإحدى الطرق و القاعدة العامة تقضي بان الأحكام لا تقبل التنفيذ و لا يجوز النفاذ المعجل فيها إلا في حالات استثنائية بينما في المجال التجاري تكون الأحكام دائما مشمولة بالنفاذ المعجل حتى و لو كانت قابلة للاستئناف أو المعارضة أي يجوز تنفيذها قبل أن تصبح نهائية.

الفرع السابع: الرهن الحيازي.

بالرجوع إلى قواعد القانون المدني في المادة 973 نلاحظ أن المشرع قد اشترط لبيع الأشياء المرهونة في حالة عدم وفاء المدين بالتزاماته الحصول على حكم قضائي نهائي على خلاف ما هو معمول به في القانون التجاري المادة 33 منه " إذا لم يتم الدفع في الاستحقاق جاز للمرتهن خلال 15 يوما من تاريخ تبليغ عادي حاصل للمدين أو لكفيل العين من الغير إذا كان محل أن يشرع في البيع العلني للأشياء المرهونة ".

  •  المبحث الثاني: الأعمال التجارية بحسب الموضوع والشكل


لقد نص المشرع الجزائري على ثلاثة أنواع من الأعمال التجارية التي قام بسردها في المواد 2 – 3 – 4 من القانون التجاري وبذلك يكون المشرع قد اصبغ الصفة التجارية على الأعمال التجارية بنص صريح.
فبعض هذه الأعمال اعتبرها المشرع الجزائري تجارية بحسب موضوعها والتي تم ذكرها في المادة 02 (المطلب الأول)، والبعض الآخر اعتبرها تجارية بحسب الشكل بغض النظر عن موضوعها وعن الأشخاص القائمين بها وهي التي عددها في المادة 03 من القانون التجاري (المطلب الثاني).

  • المطلب الأول: الأعمال التجارية بحسب الموضوع.

لقد خصّ القانون التجاري الجزائري هذه الطائفة من الأعمال نص المادة الثانية منه، وتعتبر هذه الأعمال تجارية بصرف النظر عن الشخص الذي يمارسها سواءً أكان تاجرا أو غير تاجر، وجعل بعض الأعمال تجارية حتى ولو قام بها شخص واحد أو وقعت مرة واحدة وهذه تسمى بالأعمال التجارية المنفردة (الفرع الأول) وجعل البعض من هذه الأعمال التجارية بشرط أن تتم على وجه المقاولة أي على سبيل الاحتراف (الفرع الثاني).

الفرع الأول: الأعمال التجارية المنفردة.

أولا: تعريف الأعمال التجارية المنفردة
هي تلك الأعمال التي اعتبرها المشرع تجارية حتى ولو تمت مرة واحدة وبغض النظر عن صفة القائم بها، وتشمل هذه الأعمال حسب المادة 02 من القانون التجاري شراء المنقولات لإعادة بيعها بذاتها أو بعد تحويلها، شراء العقارات لإعادة بيعها والعمليات المصرفية، وعمليات الوساطة وبيع العقارات والمحلات التجارية، ولقد أضاف المشرع بالأمر 96/27 كل الأعمال التي تتعلق بالسفن والنشاطات البحرية، وسوف ندرس هذه الأعمال فيما يلي:
ثانيا: أنواع الأعمال التجارية المنفردة (المادة 2/الفقرة 1 و 2 من ق ت)
1 – الشراء من أجل البيع
: يقصد بالشراء كل الحالات للحصول على الشيء بمقابل سواء أكان نقديا أو أي ثمن آخر.
حيث اعتبر المشرع الشراء من أجل البيع من الأعمال التجارية بحسب الموضوع والتي ذكرها في الفقرة الأولى والثانية من المادة 2 من القانون التجاري.
ومن خلال مضمون الفقرتين (المادة 02) يتضح أن المشرع يشترط صراحة توفر شروط لاعتبار الشراء من أجل البيع عملا بحسب الموضوع وهي:
أ – أن تتم عملية الشراء: وهو ركن أساسي لاعتبار العمل تجاريا والمقصود هو الشراء بمعناه الواسع فيشمل كل تملك بمقابل سواء أكان نقدي أو عيني كما هو الحال في المقايضة، فإن تم التملك بغير مقابل كما في الهبة أو الإرث، وتم التصرف فيه بالبيع فلا يعتبر عملا تجاريا لان البائع لم يحصل على الشيء بطريقة الشراء.
ونفس الشيء يمكن تطبيقه في حالة الأعمال الزراعية والمهن الحرة والإنتاج الذهني والفني.
ب – أن يرد الشراء على منقول أو عقار: لكي يعتبر العمل تجاريا يجب أن يرد الشراء على عقار أو منقول وهذا المعنى مستفاد من نص المادة 02 الفقرة 1، 2 من القانون التجاري.
حيث يستوي في شراء المنقول أن يكون ماديا كالبضائع ومعنويا كالمحل التجاري والسندات، أما المقصود بشراء العقار فهو شراء حق العقار ذاته كالملكية.
ج – أن يكون القصد من الشراء هو إعادة البيع: لكي يعتبر عملا تجاريا يجب أن يتم الشراء بقصد إعادة البيع، وهذا ما يميز البيع التجاري عن البيع المدني، غير أنه يجب أن تتوافر نية أو قصد البيع وقت الشراء.
د – أن يكون الهدف من الشراء لأجل البيع هو تحقيق الربح: لم ينص المشرع صراحة على هذا الشرط ولكن الفقه والقضاء خاصة في فرنسا يرى ضرورة توافر قصد تحقيق الربح في عملية شراء العقار أو المنقول لإعادة بيعه باعتباره عنصرا جوهري في العمل التجاري، وبالتالي إذا انتفت نية تحقيق الربح انتفت الصفة التجارية على الشراء.
2 – الأعمال المصرفية: (المادة 2/13 من القانون التجاري)
اعتبر المشرع الجزائري الأعمال المصرفية من قبيل الأعمال التجارية بحسب الموضوع حتى ولو تمت هذه العملية بصورة منفردة، وتتمثل الأعمال المصرفية في الأعمال التي تقوم بها البنوك عادة كفتح الحسابات الجارية واستلام الودائع النقدية، إيجار الخزائن الحديدية، إلا أن المشرع اشترط أن يكون تصرف البنك مع شخص يحمل صفة التاجر حتى يعتبر العمل تجاري.
3 – أعمال الصرف: (المادة 2/13 من القانون التجاري)
المقصود بعمل الصرف هو مبادلة العملة بعملة أخرى (نقود، ذهب، فضة) والصرف نوعان سواءً أكان يدوي أو صرف محسوب.
ونشير إلى أن أعمال الصرف تعتبر دائما أعمال تجارية بالنسبة للبنوك أما بالنسبة لعملائهم فلا يعتبر الصرف عملا تجاريا إلا إذا قام به التاجر.
4 – أعمال السمسرة أو الوساطة (المادة 2/13 من القانون التجاري)
السمسرة هي تقريب بين أطراف التعاقد نظير اجر يكون عادة نسبة مئوية من قيمة الصفقة والسمسار ليس وكيل بل وسيط ينحصر دوره في التقريب والتوفيق بين طرفي العقد، فهو لا يعتبر طرفا في العقد.
بحيث تعتبر عملية السمسرة عمل تجاري بحسب الموضوع حتى ولو قام بها الشخص بصورة منفردة بغض النظر عن كون هذا الشخص سمسار محترف أو غير محترف.
5 – الأعمال الخاصة بالعمولة: (المادة 2/13 من القانون التجاري)
تندرج ضمن الأعمال الخاصة بالعمولة كل الأعمال التي سبقت الإشارة إليها سواء أكانت أعمال مصرفية أو سمسرة كون هذه الأعمال تتم دائما مقابل عمولة والى جانب هذه الأعمال هناك ما يسمى الوكالة بالعمولة وهو نوع من التصرف في إتمام الصفقات، حيث يستعين التاجر بطائفة من الأشخاص لتصريف منتجاته وهؤلاء الأشخاص هو الوكلاء بالعمولة الذين يقومون بتصرفات قانونية باسمهم الشخصي ولكن لحساب الغير مقابل اجر يسمى عمولة (نسبة مئوية).
6 – الأعمال التجارية البحرية: (المادة 2/15، 16، 17، 18، 19، 20 من القانون التجاري)
والتي جاء ذكرها في المادة 04 من الأمر رقم 96/27 المؤرخ في 09 ديسمبر 1996 المتمم والمعدل للقانون التجاري فأضافت أعمال تجارية أخرى، والتي عددها على سبيل المثال والتي تشمل كل شراء أو بيع لعتاد السفن وكل تأجير أو افتراض بحري بالمغامرة وكل عقود التأمين والعقود الأخرى المتعلقة بالتجارة البحرية وكل الاتفاقيات المتعلقة بأجور الطاقم وإيجارهم وكل الرحلات البحرية.
ولكي يكسب العمل صفة تجارية يجب أن يتعلق العمل بتجارة بحرية وأن يكون الغرض منه المضاربة وتحقيق الربح.

الفرع الثاني: الأعمال التجارية التي ترد يشكل مقاولة.

أولا: تعريف الأعمال التجارية التي ترد بشكل مقاولة.
تذكر المادة الثانية من التقنين التجاري طائفة من الأعمال لا تعد تجارية إلا إذا صدرت على وجه المقاولة، فالمقصود بالأعمال التجارية بحسب المقاولة التي يعتبرها المشرع تجارية إذا ما باشرها القائم بها على وجه الاحتراف بناءً على تنظيم مهني سابق وفي شكل مشروع اقتصادية وهذا المشروع له مقومات أساسية وهي غالبا عدد من العمال والمواد الأولية يضارب عليها صاحب المشروع.
ويستنتج من هذا التعريف أنه لا بدّ من توافر عنصرين في المقاولة لكي تكتسب الصفة التجارية:
أ – تكرار العمل: فالعمل المنفرد لا يكفي لقيام المقاولة بل لا بدّ من تكراره، فمقاولة النقل مثلا هو الذي يقوم بالنقل على سبيل التكرار.
ب- وجود تنظيم: يهدف إلى القيام بهذا العمل على نحو مستمر ويتمثل في مجموعة من الوسائل المادية والبشرية لتحقيق الغرض المقصود.

ثانيا: أنواع الأعمال التجارية التي ترد بشكل مقاولة:

لقد نص المشرع الجزائري في المادة 02 من القانون التجاري على 11 مقاولة تجارية والتي سيتم التفصيل فيها على النحو التالي:
1- مقاولة تأجير المنقولات أو العقارات: (المادة 2/3 من القانون التجاري)
يعد تأجير المنقولات أو العقارات إذا حدث على سبيل التكرار واتخذ شكل مشروع فإنه يعدّ عملا تجاريا طبقا للمادة الثانية من القانون التجاري، فيستوي أن يكون التأجير واردًا على منقولات كالمبيعات أو واردًا على العقارات كالمنازل، وأضفى المشرع على هذه الأعمال صفة تجارية إذا تم ممارستها في شكل مشروع الهدف من ورائه تحقيق الربح، ويعتبر القائمون بها تجارا فيخضعون إلى التزامات التاجر من حيث مسك الدفاتر التجارية والخضوع للضرائب.
2- مقاولة الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح: (المادة 2/4 من القانون التجاري)
اعتبر المشرع كل نشاط ينصب على الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح يتم في شكل مقاولة عملا تجاريا بحسب الموضوع، والمقصود بمقاولة الإنتاج أو التحويل هي المقاولة الصناعية التي تقوم بتحويل المواد الأولية إلى منتوجات صالحة لإشباع حاجات الأفراد كصناعة الزيت من الزيتون وصناعة الأثاث، وتعتبر هذه الأعمال تجارية بحسب الموضوع لقيامها على عنصر المضاربة قصد تحقيق الربح.
فمفهوم المقاولة الصناعية التي أخذ بها المشرع الجزائري هي تلك المقاولات التي تحتوي على البيع أو الشراء من جانب الصانع.
3- مقاولة البناء أو الحفر أو تمهيد الأراضي: (المادة 2/5 من القانون التجاري)
فأعمال البناء أو الحفر أو تمهيد الأراضي تعتبر من الأعمال التجارية بحسب الموضوع متى وردت على شكل مقاولة ويستوي في ذلك إذا قدم المقاول المواد اللازمة للبناء أو اقتضت مهماته فقط على تقديم العمال، ذلك أن أعمال المقاولة على أساس المضاربة بين عمل العمال وفروق أسعار المواد الأولية وهذا يكفي لاعتبار عمله عملا تجاريا حتى وإن لم يقم بالشراء لأجل البيع.
4- مقاولة التوريد أو الخدمات: (المادة 2/6 من القانون التجاري)
ويقصد بالتوريد أن يتعهد شخص بتسليم كميات معينة من السلع بصفة دورية لشخص آخر نظير مبلغ معين مثل احتراف توريد الأغذية للمستشفيات والمدارس، وتعتبر مقاولات التوريد عملا تجاريا طالما احترفها الشخص بصرف النظر على سبق شرائه للمواد التي تعهد بتوريدها من عدمه.
5- مقاولة استغلال المناجم أو المناجم السطحية أو مقالع الحجارة: (المادة 2/7 من القانون التجاري)
يعتبر المشرع أن كل استغلال للمناجم أو المحاجر عملا تجاريا إذا تم مباشرته عن طريق مشروع منتظم وسواء أكان القائم بالمشروع شخصا مدنيًا أو معنويًا.
فالعمليات التي تتم بصورة منفردة لا تعد تجارية إذا لم يتحقق في عمله عنصر المضاربة عمل الغير.
ويعتبر هذا النوع من المقاولة عملا تجاريا سواء أكان القائم بها يمتلك مصدر الإنتاج أو لا يملكه كصاحب حق الامتياز (استغلال لفترة معينة)، كما أطلق المشرع صفة التجارية على كل ما يتعلق بهذه الإستغلالات سواء عمليات الشراء اللازمة كآلات الحفر، ونفس الحكم يمكن تطبيقه على استغلالات منتجات الأرض كاستغلال عين معدنية أو بحرية في تربية السماك.
6- مقاولة استغلال النقل أو الانتقال: (المادة 2/8 من القانون التجاري)
يعد عملا تجاريا مقاولات استغلال النقل أو الانتقال، فيقصد نقل البضائع والانتقال هو انتقال الإنسان بوسائل النقل المختلفة، وعملية النقل والانتقال وفق المادة 02 من القانون التجاري لا تعتبر تجارية إلا إذا باشرها الشخص على سبيل الاحتراف، فإذا قام شخص بنقل أحد أقاربه فيعتبر عمله مدني حتى ولو تقاضى أجر على ذلك لأن شرط الاحتراف هو أساس العمل التجاري، والسبب في ذلك أن عمليات النقل والانتقال لا تبدوا ذات طابع تجاري إلا إذا تضمنت مضاربة على العمال والسيارات بقصد تحقيق الربح.
7- مقاولة استغلال الملاهي العمومية والإنتاج الفكري: (المادة 2/9 من القانون التجاري)
نصت المادة 02 من القانون التجاري على تجارية مقاولة الملاهي التي من شأنها تسلية الجمهور عن طريق ما يعرض عليه من دور السينما والمسرح والسرك، ويعتبر هذه الأعمال تجارية على وجه المقاولة بمعنى أنها تكتسب صفتها التجارية من الاحتراف القائم بها وليس من طبيعتها وتنطوي أصحاب دور العرض على المضاربة قصد تحقيق الربح، فهم يضاربون على أعمال ممثلين كما يضاربون على المؤلفات الفكرية كالمسرحيات والألحان، فمعظمهم ينطوي على الشراء بقصد البيع.
8- مقاولة التأمينات: (المادة 2/10 من القانون التجاري)
التأمين عملية بمقتضاها يحصل أحد الأطراف فهو المستأمن لصالحه أو لصالح الغير في حالة تحقق خطر ما على أداء من طرف آخر (المؤمن) الذي يأخذ على عاتقه مجموعة الأخطار، يقوم بالمضاربة بينها وفق لقوانين الإحصاء مقابل أداء من المستأمن هو القسط، ففكرة التأمين تقوم أساس فكرة تقسيم الخسائر الذي يصاب بها البعض نتيجة تحقق خطر، فالمشرع اعتبر مقاولة التأمين عمل تجاري شرطة أن تقوم على مشروع منتظم ودقيق.
9- مقاولة استغلال المخازن العمومية: (المادة 2/11 من القانون التجاري)
تعتبر مقاولات المخازن أعمال تجارية وهذا النوع من الاستغلال وثيق الصلة بالحياة التجارية فهذه المخازن عبارة عن محلات واسعة يودع فيها التجار بضائعهم مقابل أجر في انتظار بيعها ويعطى صاحب البضاعة إيصالا بها يسمى سند التخزين وهو صك يمثل البضاعة ويمكن عن طريق تحويله إلى الغير بيع هذه البضاعة أو رهنها دون نقلها من مكانها فهذه العمليات تعتبر تجارية نظرا لكونها تعتبر ارتباطا وثيقا بالحياة التجارية.
10- مقاولة بيع السلع الجديدة بالمزاد العلني بالجملة أو الأشياء المستعملة بالتجزئة: (المادة 2/12 من القانون التجاري)
حاول المشرع إخضاع كل عمليات التي تتم عن طريق البيع بالمزاد العلني جملة أو مجزأة إلى الأحكام التي يخضع لها التجار حتى ولو كانت هذه البيوع مدنية والهدف من ذلك هو حماية جمهور المتعاملين من هذه المحلات نظرا لظروف هذه البيوع الغير طبيعية وما تتسم بها إغراءات مما يؤدي إلى الإضرار بجمهور المتعاملين فرأى المشرع أن يخضعها لأحكام القانون التجاري الصارمة وأهمها لنظام الإفلاس.
11- مقاولة صنع أو شراء أو بيع وإعادة بيع سفن للملاحة البحرية: (المادة 2/15 من القانون التجاري)
إن كل النشاطات البحرية تم اعتبارها من قبيل الأعمال التجارية بشرط أن تتم بشكل مقاولة حيث أن صنع السفن وبيعها أو إعادة بيعها لا يمكن القيام بها بشكل منفرد نظرا لما تتطلبه هذه الأخيرة من تجهيزات ويد عاملة.
أما باقي الأعمال الخاصة بالنشاط البحري، كالتأمين البحري ودفع أجور العاملين على السفينة اعتبرها المشرع أعمالا تجارية منفردة حيث لم يشترط أن تكون مقاولة.

  • المطلب الثاني: الأعمال التجارية بحسب الشكل.

لقد أضفى المشرع الجزائري الصفة التجارية على طائفة من الأعمال التي تتخذ شكلا معينا وذلك بغض النظر عن موضوعها (الفرع الأول)، وقد عدد المشرع الأشكال التي تتخذها هذه الأعمال باعتبارها أعمالا تجارية وهذا في المادة 03 من القانون التجاري (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تعريف الأعمال التجارية بحسب الشكل

وهي مجموعة من الأعمال التي أضفى عليها المشرع الصفة التجارية وذلك استنادا على قاعد أساسية في الشكل الذي وردت به هذه الأعمال وهذا ما نصت عليه المادة 03 من القانون التجاري أين عدد هذه الأعمال على سبيل المثال والتي سوف نتكلم عنها كالآتي:
الفرع الثاني: أنواع الأعمال التجارية بحسب الشكل
لقد أورد المشرع الجزائري خمسة (05) أنواع الأعمال بحسب الشكل حسب نص المادة 03 من القانون التجاري والتي سنفصل فيها كالأتي:
1. التعامل بالسفتجة: (المادة 03/1 من القانون التجاري)
المقصود بالسفتجة أنها عبارة عن سند تتضمن أمرا من شخص ويسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بان يدفع مبلغا من النقود في تاريخ معين لصالح شخص ثالث يسمى المستفيد، وقد نصت المادة 389 من القانون التجاري على أنه تعتبر السفتجة عملا تجاري مهما كان الأشخاص المتعاملون بها، كما نصت المادة 390 من القانون التجاري على البيانات التي يجب أن تتضمنها السفتجة:
تسمية السفتجة --- اسم من يجب عليه الدفع --- تاريخ الاستحقاق
فقدان أحد البيانات يؤدي إلى فقدان الصفة التجارية للسفتجة، وتعتبر السفتجة أداة ائتمان من أهم صفاتها التداول من حامل إلى آخر بالتظهير أو بالتسليم، حتى تقدم للمحسوب عليه لقبولها ثم وفاتها.
وكل من يوقع على السفتجة يصبح ملتزما بما ورد في نصوص القانون التجاري غير أن المادة 393 من القانون التجاري نصت على استثناء يتعلق بالقاصر الذي يوقع على السفتجة فهي باطلة بالنسبة إليه، والمقصود من هذا الاستثناء هو حماية القاصر من قواعد القانون التجاري الصارمة مثل الإفلاس.
2. الشركات التجارية: (المادة 03/2 من القانون التجاري)
نص المشرع الجزائري في المادة 03/2 من القانون التجاري على اعتبار الشركة التجارية عملا تجاريا بحسب الشكل ثم جاءت المادة 544 من نفس القانون وأكدت على تجارية هذه الشركات، وتعد الشركات بحسب شكلها تجارية مهما كان موضوعها سواء أكانت شركات مساهمة أو تضامن أو شركات المسؤولية المحدودة، ومن خلال هذه النصوص يتضح أن المشرع قد أضفى الصفة التجارية على هذه الشركات بمجرد اتخاذها الشكل المنصوص عليه قانونا دون النظر إلى موضوع نشاطها.
3. الوكالات ومكاتب الأعمال: (المادة 03/3 من القانون التجاري)
هي تلك المكاتب التي تؤدي خدمة للجمهور وتتقاضى أجرا معينا أو مقابل نسبة معينة من قيمة الصفقة التي تتوسط فيها والخدمات التي تقدمها هذه المكاتب المتنوعة كخدمات الإعلان والسياحة واستخراج رخص التصدير وبراءات الإختراع...إلخ.
فتعتبر هذه الأعمال عبارة عن خدمات عن بيع للخدمات، أو جهود التي يبذلها صاحب المكتب أو عماله بقصد تحقيق الربح، فهي تداول للثروات ولا تخرج عن كونها بيعًا.
فالصفقة التجارية تلحق نشاط هذه المكاتب أو الوكالات بسبب الشكل أو التنظيم الذي تباشر به أعمالها.
4. العمليات المتعلقة بالمحلات التجارية: (المادة 03/4 من القانون التجاري)
اعتبر المشرع حسب نص المادة 03/4 من القانون التجاري جميع العمليات المتعلقة بالمحل التجاري من بيع وشراء وتأجير ورهن من الأعمال التجارية بحسب الشكل بصرف النظر عن شخصية القائم بالعمل تاجرا كان أو غير تاجر، فكل هذه الأعمال المتعلقة بالمحل التجاري تعتبر أعمال تجارية بحسب الشكل.
ويدخل في إطارها أيضا بيع العناصر المعنوية للمحل التجاري كبيع الاسم التجاري أو رهن العلامة التجارية أو براءة الإختراع، وسوار أكان المتصرف تاجرا أو غير تاجر.
5. العقود المتعلقة بالتجارة الجوية والبحرية: (المادة 03/5 من القانون التجاري)
نص المشرع الجزائري في المادة 03/5 من القانون التجاري على أن كل عقد يتعلق بالتجارة البحرية والجوية يعد عملا تجاريا بحسب الشكل، حيث أضفى المشرع الصفة التجارية على العقد كأحد مصادر الالتزام دون عيره في هذا المجال.
ومن أهم هذه العقود عقد إنشاء السفن والطائرات حيث يكتسب هذا العقد الصفة التجارية حتى ولو وقع مرة واحدة، إضافة إلى عقد بيع السفن والطائرات أو تأجيرها أو شرائها إضافة إلى عقود نقل الأشخاص أو البضائع في البحر، وأيضا التأمين البحري والجوي وجميع العقود الأخرى المتعلقة بالتجارة البحرية والجوية.
ولاعتبار هذه العقود تجارية حسب الشكل وجب توافر شرطان هما:
- أن يتم هذا العمل في شكل عقد.
- أن يتعلق موضوع العقد بتجارة بحرية أو جوية

  •  المبحث الثالث: الأعمال التجارية بالتبعية والمختلطة:

لقد المشرع الجزائري في المادة 04 من القانون التجاري على طائفة أخرى من الأعمال التجارية وأطلق عليها اسم الأعمال التجارية بالتبعية (المطلب الأول)، إضافة إلى هذا فإن الفقه تناول طائفة أخرى من الأعمال التجارية لا تعتبر مستقلة بذاتها كبقية الأنواع السابقة من الأعمال التجارية بدليل أن التشريعات التجارية بما فيها القانون التجاري الجزائري لم تنص على مثل هذه الأعمال المختلطة، كون هذه الأخيرة في واقع الأمر لا تخرج عن كونها أعمال تجارية بطبيعتها أو بطريق التبعية (المطلب الثاني).

  • المطلب الأول: الأعمال التجارية بالتبعية


لقد نصت المادة 04 من القانون التجاري على أنه:" يعد عملا تجاريا بالتبعية:
- الأعمال التي يقوم بها التاجر المتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره.
- الالتزامات بين التجار."
وعليه ينبغي أن نشير في البداية المقصود بالأعمال التجارية بالتبعية وأساس تجارية هذه الأعمال (الفرع الأول)، ثم نشير إلى شروط تجارية هذه الأعمال (الفرع الثاني) وأخيرا نطاق تطبيق الأعمال التجارية بالتبعية (الفرع الثالث).

الفرع الأول: أساس نظرية الأعمال التجارية بالتبعية

إن الأعمال التجارية بالتبعية هي في الأصل أعمال مدنية ولكنها تكتسب الصفة التجارية إذا صدرت عن التاجر وكانت تتعلق بالشؤون التجارية، ومصدر تجارية هذه الأعمال ليس في طبيعتها وإنما في مهنة القائم بها أي أن المهنة تؤثر في الأعمال التابعة لها وتكسبها صفتها، ذلك أن التاجر كثيرا ما يقوم ببعض الأعمال التي تعتبر مدنية بحسب أصلها، إلا أنه يقوم بها بقصد تسهيل الأعمال التجارية مثل قيام التاجر بشراء سيارة لنقل البضائع.
وإن أساس نظرية الأعمال التجارية بالتبعية يقوم بالدرجة الأولى على اجتهادات الفقه والقضاء باعتبارها مصدر هذه النظرية والتي استندت على أساس منطقي، ونتيجة لتأثر بعض التشريعات بهذه الاجتهادات الفقهية والقضائية قامت بوضع نصوص قانونية لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية، مما جعل لهذه الأخيرة أساس قانوني.
أولا: الأساس المنطقي
تقوم نظرية الأعمال التجارية بالتبعية على اعتبارات منطقية تقضي بإضفاء الصفة التجارية على كل عمل يقع تابعا لحرفة التاجر حتى تضل الحياة التجارية وحدة لا تتجزأ يخضع فيها العمل الأصلي والعمل التابع لنظام قانوني واحد وهذا تطبيقا للمبدأ القائل "لأن الفرع يتبع الأصل في الحكم"، ومن هنا يقضي المنطق السليم بضرورة اعتبار أعمال التاجر المتعلقة بتجارته وحدة متماسكة تخضع كلها لقانون واحد وقضاء واحد لأنه من غير المعقول أن تخضع بعض أعمال التاجر لأحكام القانون التجاري بينما يضل بعضها الأخر يحكمها القانون المدني بسبب أن الأولى ورد ذكرها في قانون دون الثانية على الرغم من أن الأعمال مترابطة وتحقق هدفا واحدا وهو تسيير أعمال التاجر.
ثانيا: الأساس القانوني
يتجلى الأساس القانوني لنظرية الأعمال التجارية بالتبعية في الجزائر من خلال نص المادة 04 من القانون التجاري على أنه:" يعد عملا تجاريا بالتبعية:
- الأعمال التي يقوم بها التاجر المتعلقة بممارسة تجارته أو حاجات متجره.
- الالتزامات بين التجار."
وقد توحي الفقرة اثنين من هذه المادة أنه يشترط أن تتم هذه الأعمال بين تاجرين إلا أن المستقر عليه فقها وقضاء أنه يكفي أن يكون أحد طرفي العقد تاجرا وهكذا أوجدت نظرية الأعمال التجارية بالتبعية أساسا قانونيا في التشريع الجزائري حيث اعتبرها هذا الأخير كل الأعمال التي يقوم بها التاجر والمتعلقة بممارسة تجارته أعمالا تجارية بالتبعية، وسوف نشرح شروط تجارية هذه الأعمال فيما يلي:

الفرع الثاني: شروط الأعمال التجارية بالتبعية

من خلال المادة 04 السالفة الذكر يتضح أنه يشترط لاعتبار أي عمل عملا تجاريا بالتبعية توافر شرطان أساسيان:
أولا: ضرورة اكتساب صفة التاجر ( المادة 04/1 من القانون التجاري)
لقد اشترط المشرع من خلال المادة 04 توافر التاجر في القائم بالعمل لكي يعتبر هذا الأخير عملا تجاريا بالتبعية بمعنى أن يصدر هذا العمل عن تاجر بغض النظر عن كون هذا التاجر شخصا معنويا أو طبيعيا.
وقد تكلفت المادة 01 من القانون التجاري بتحديد صفة التاجر بقولها :" يعد تاجرا كل من يباشر عملا تجاريا ويتخذ حرفتا معتادة له."
إذن كل من يمارس الأعمال التجارية على وجه الامتهان يعد في نظر القانوني تاجرا وتثبت هذه الصفة بكافة طرق الإثبات، وعلى العموم يكفي تحديد الأعمال التجارية بالتبعية بالرجوع إلى صفة القائمين بها.
ثانيا: ارتباط العمل بالمهنة التجارية ( المادة 04/1 من القانون التجاري)
إلى جانب الشرط السابقة أضاف المشرع شرطا آخر لاكتساب العمل صفة التجارية بالتبعية وهو تعلق العمل بالنشاط التجاري للتاجر أو كونه مترتبا عن التزامات بين التجار، وهذا يعني أنه ينبغي أن يرتبط العمل بالنشاط التجاري حتى تضفي عليه الصفة التجارية بالتبعية وحتى ولم يكن القصد من هذا العمل المضاربة ضل محتفظا بصفته المدنية وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء في فرنسا ومصر وحتى بالجزائر.

الفرع الثالث: نطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية

يتضح مما سبق أن الفقه والقضاء وقد سايرهما المشرع في بعض الدول قد توسع في تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية حيث اصبح نطاق هذه الأخيرة أكثر اتساعا من الأعمال التجارية الأخرى وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري حيث جعل نطاق تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية لا يقتصر على الالتزامات التعاقدية للتاجر فحسب وإنما يمتد إلى الالتزامات التجارية غير التعاقدية.
أولا: تطبيق نظرية التبعية في الالتزامات التعاقدية:
وفقا لنص المادة 04 من القانون التجاري تعتبر جميع العقود التي يبرمها التاجر لممارسة تجارته أعمالا تجارية تطبيقا لنظرية التبعية ورغم كونها بحسب الأصل مدنية، مثلا شراء التاجر وقود، الاقتراض للشؤون التجارية، والتأمين على المحل التجاري، وعقود العمل التي يبرمها التاجر مع عماله...إلخ من العقود المتعلقة بتحقيق نشاطه التجاري.
غير أن هناك بعض العقود التي يبرمها التاجر وتتعلق بتجارته تثير صعوبات نذكر منها:
1. عقد الكفالة:
في الأصل الكفالة عقد مدني لأنها من عقود التبرع وتنتفي عليها الصفة التجارية لأنها لا تهدف إلى المضاربة وتحقيق الربح، ونصت عليها المادة (644 من القانون المدني الجزائري) بقولها الكفالة عقد يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يفي به المدين نفسه، وعلى الرغم من أن الكفالة في الأصل عمل مدني إلا أنها تكتسب الصفة التجارية في بعض الحالات ككفالة أحد المعوقين على الورقة التجارية أو إذا صدرت الكفالة من البنوك لكفالة أحد عملائها، وأخيرا تعد الكفالة عملا تجاريا بالتبعية إذا قام الكفيل لمصلحة تجارته كأن يكفل التاجر أحد عملائه لحمايته من خطر الإفلاس.
2. عقد العمل:
يعتبر عقد العمل في أصله عقدا مدنيا، فعقد العمل الذي يبرمه التاجر مع عماله يعتبر عملا مدنيا بالنسبة إليه، لكن الخلاف يثور حول طبيعة هذا العقد بالنسبة لرب العمل، فذهب جانب من الفقه بالقول بأن العقد يحتفظ بطابعه المدني في حين ذهب غالبية الفقه إلى اعتبار العقد بالنسبة لرب العمل عقد تجاري وخذا استنادا لنظرية التبعية التجارية.
3. القرض:
يُعد القرض عملا مدنيا سواء بالنسبة للمقرض أو المقترض غير أن القرض بالنسبة للمصرف يعد عملا تجاريا بطبيعته لأنه يدخل ضمن عمليات الصرف، ولكن قد يكون القرض عملا تجاريا بالتبعية وهذا في فرضين:
- إذا كان المقترض تاجرا واقترض مبلغا للنقود لحاجات تجارته.
- إذا كان المقترض غير تاجر واقترض مبلغا من النقود لبعض العمليات تجارته كالمضاربة في البورصة.
4. العقود المتعلقة بالعقارات:
إن جميع التصرفات المتعلقة بالعقار تعتبر من قبيل الأعمال المدنية لكن إذا صدرت هذه الأعمال عن تاجر فتعتبر أعمال تجارية بحسب الموضوع ( المادة 02 من القانون التجاري)
أما إذا انصب التعاقد عن عقار بقصد مباشرة تجارة أو تعاقد التاجر مع مقاول لترميم محل تجاري فإن التاجر في هذه الحالة يعد من ضمن الأعمال بالتبعية.
ثانيا: تطبيق نظرية التبعية في الالتزامات غير التعاقدية
لا يقتصر نطاق نظرية التبعية على الالتزامات التعاقدية بل يشمل كذلك على الالتزامات الغير تعاقدية التي يتحملها التاجر بمناسبة نشاطه التجاري، ولقد جاءت المادة 04 من القانون التجاري شاملة ومطلقة لمفهوم الالتزامات ومن بين هذه الالتزامات ما يلي:
1. الالتزامات الناشئة عن المسؤولية التقصيرية
حيث يعتبر تجارية بالتبعية التزام التاجر بالتعويض عن العمل الغير مشروع الذي يقع منه بمناسبة نشاطه التجاري سواء أكانت المسؤولية عن الأحوال الشخصية أو عن عمل الغير وسواء أكانت الضرار مادية أو أدبية، وتطبيقا لذلك يعد أيضا التعويض عن أعمال المنافسة الغير مشروعة مثل التزوير أو تقليد العلامة التجارية.
2. الالتزامات الناشئة عن الإثراء بلا سبب:
يعد عملا تجاريا بالتبعية الالتزام الذي يكون مصدره الإثراء بلا سبب بشرط أن يكون هناك علاقة بين الإثراء وبين النشاط التجاري ومنه قيام التاجر برد المبالغ التي دفعت له خطأ، وكذا التزامه برد ما صرفه الفضولي بمناسبة أعمال تتعلق بتجارته تعتبر أعمالا تجارية بالتبعية.
3. التزامات التاجر بدفع الضريبة واشتراكات التأمينات الاجتماعية:
الأصل أن هذه الالتزامات ذات صفة مدنية، لأن التكليف بدفع الضريبة مفروض على جميع المواطنين ولا علاقة لها بمهنة التاجر، إلا أنه فيما يتعلق بدفع التاجر لاشتراكات التأمينات الاجتماعية تعتبر أعمالا تجارية بالتبعية لأنها ترتبط بنشاط التاجر.

  • المطلب الثاني: الأعمال التجارية المختلطة

إن الأعمال التجارية المختلطة ليست طائفة رابعة من الأعمال التجارية القائمة بذاتها لذلك لم يرد نص بشأنها في القانون التجاري لكونها لا تخرج من نطاق الأعمال التجارية بصفة عامة.
وسوف نتعرض فيما يلي لمقصود الأعمال المختلطة (الفرع الأول)، ثم نحدد النطاق القانوني لهذه الأعمال (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تعريف الأعمال التجارية المختلطة

لقد اتفق الفقه على إضافة هذه الطائفة من الأعمال وسماها بالأعمال المختلطة، وهي تلك التصرفات القانونية التي تعتبر تجارية بالنسبة لأحد أطراف التصرف ومدنية بالنسبة للطرف الآخر، الأمر الذي جعل نفس العمل تكون له طبيعة مختلفة بحسب اختلاف طبيعة الأطراف، وبالتالي فهو يخضع لمزيج من الأنظمة القانونية، فهو يخضع في شقه للقانون المدني وفي شقه التجاري للقانون التجاري، وأمثلة هذه الطائفة نذكر منها: بيع المزارع لمحصوله إلى التاجر من أجل إعادة بيعه، شراء المستهلك من حاجات من تاجر التجزئة، عقد النشر بين المؤلف والناشر.

الفرع الثاني: النظام القانوني للأعمال التجارية المختلطة

لا يمكن إخضاع العمل المختلط لنظام قانوني واحد تجاري كان أو مدنيا لذلك يجب الأخذ بنظام مزدوج مقتضاه تطبيق القواعد التجارية على الطرف الذي يعتبر العمل تجاريا وتطبيق القواعد المدنية على الطرف الذي يعتبر العمل مدنيا.
وهذا ما يؤدي إلى خلق مشاكل لا حصر لها لاذا فإن القضاء عند الفصل في النزاع فإنه يلجأ تارة إلى قواعد القانون المدني وتارة إلى قواعد القانون التجاري ومن أمثلة هذه المشاكل ما يلي:
أولا: الاختصاص القضائي في الأعمال التجارية المختلطة
إن مشكلة الاختصاص لا تثار في الجزائر لعدم وجود قضاء تجاري مستقل عن قضاء المدني كما هو الحال في فرنسا أين اختص في الأعمال المختلطة إما للمحكمة المدنية أو تجارية وهذا بحسب صفة العمل بالنسبة للمدعي عليه، فإذا كان العمل مدنيا بالنسبة للمدعي عليه فعلى المدعي أن يرفع دعواه أمام المحكمة المدنية أما إذا كان العمل تجاريا بالنسبة للمدعي عليه فيجوز للمدعي أن يقاضي المدعي عليه أمام المحكمة التجارية أو المدنية، غير أن هذا الخيار غير متعلق بالنظام العام ومن ثم يجوز التنازل عنه في العقد واختيار إحدى المحكمتين بصفة نهائية.
ثانيا: الإثبات في الأعمال التجارية المختلطة
أما من حيث الإثبات فتطبق قواعد الإثبات التجارية على كل من يعتبر العمل تجاريا بالنسبة إليه وتطبق قواعد الإثبات المدنية على من يعتبر العمل مدنيا بالنسبة إليه، والفرق بينهما أن الإثبات في المواد التجارية يخضع لمبدأ حرية الإثبات بينما في المواد المدنية فهو مقيد ويخضع للكتابة.
ثالثا: الرهن والفائدة في الأعمال التجارية المختلطة
إن من الصعوبة الفصل بين جانب التجاري والمدني للمعمل المختلط وهذا هو الحال في عقد الرهن الحيازي، بحيث يكون جانب منه تجاري والآخر مدني ومن غير المقبول تجزئة العمل الواحد إلى جزأين وهذا لا بد من تطبيق نظام قانوني واحد والعبرة عن التطبيق تكمن في صفة الدين، فإذا كان الدين المضمون بالرهن بالنسبة للمدين تجاريا اعتبر الرهن تجاريا وأخضع لقواعد القانون التجاري أما إذا كان الرهن بالنسبة للمدين مدنيا طبقت عليه أحكام القانون المدني، وهذا هو الحال أيضا في نظام الفائدة الذي يختلف بحسب ما إذا كان الدين مدنيا أو تجاريا.


EmoticonEmoticon